التنمر الإلكتروني ظاهرة خبيثة تؤرق ضحاياها وندعو لتجريمها..بقلم منى شلبي
المنتصف
شئنا أم أبينا، هناك حقيقة لا بد من إقرارها في هذه المرحلة التي نعيشها من حياتنا تشكل المواقع الإلكترونية والسوشل ميديا جزء كبيرا ومهما فيها، ومما لا شك فيه أن العالم الافتراضي منذ ظهوره شهد تطورا سريعا ومذهلا للغاية، وكان له تداعياته الإيجابية في تحسين نمط الحياة وتقريب المسافات والحصول على المعلومات وغيرها من الاستخدامات التي لا غنى لنا عنها.
وفي ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أتيح لروادها مساحة واسعة من حرية التعبير والتعليق وإبداء الرأي حول الكثير من المواضيع والشخصيات، لكن ما فتئ الأمر أن تحول إلى واقع يؤسف عليه وأصبحت الكثير من المواقع محل ملاسنات وقذف وقدح وشتم وكلام يجرح الحياء العام.
الهويات المجهولة تصعب من محاسبة المتنمرين في العالم الافتراضي
أصبح العالم الافتراضي يعاني من المشاكل والسلوكيات الخاطئة التي تمس بكرامة مرتاديه بل وتترك أثرا سلبيا عميقا، فبات أصحاب الحسابات والمواقع والصفحات من أشخاص وشركات وجمعيات ومنظمات أكثر عرضة للتنمر من حسابات وهمية جل وقتها تقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي تتسلى بالتعليقات المسيئة وتنشر أخبارا تمس بسمعة شخصيات أغلبها معروفة من أجل عدة أغراض قد تكون من أجل التشويه والانتقام، أو الابتزاز أو شد الانتباه اليهم لكسب عدد كبير من المتابعين وبالتالي التغذي على حساب هذا العمل المنحط الذي يلاقي الكثير من ردود الأفعال الرافضة والمستاءة من هكذا سلوك، لأنه يتسبب في حصول حالة من الإحباط والانعزال والاكتئاب والحزن الذي يتحول إلى حالة مرضية بل حتى إلى الانتحار الحقيقي، بسبب ما يفعله المتنمرون الافتراضيون، الذين لا بد من محاسبتهم ووضع حد لما يقومون به، لكن المشكلة الجوهرية تكمن في أن غالبية المتنمرين هم وهميون وبالتالي متخفون بأسماء مستعارة تصعب معرفتهم لمواجهتهم أو لديهم حسابات مؤقتة، ولا بد من الإشارة أن هذه الظاهرة هي عالمية، فقد ذكر المجلس الوطني الأمريكي لمنع الجريمة أن التنمر الالكتروني هي مشكلة تؤثر على ما يقارب نصف المراهقين الأمريكيين، وهو عدد كبير يدعو إلى القلق وسرعة التحرك لوضع حد لهم، عبر الكثير من الطرق على رأسها القانونية والتحسيسية.
“فيسبوك” يضيف خاصية حظر كلمات.. خطوة تقلل من ظاهرة التنمر على مواقع التواصل
ارتفعت الأصوات والشكاوى مؤخرا من مرتادي الفضاء الافتراضي لوضع حد للإساءات التي يتعرضون لها سواء كانوا أطفالا أو كبارا أو شخصيات عادية أو مشاهير، شركات ومؤسسات ..، وفعلا بدأت إدارة الكثير من المواقع تتحرك في هذا الإطار، فبات بإمكان أصحاب الحسابات أو الصفحات على موقعي فايسبوك وتويتر إضافة كلمات تحمل معان عنيفة أو مسيئة وحظرها كي لا تظهر على صفحتهم وهذا الإجراء ساهم في الحد من انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني، لكن رغم هذا الإجراء، يبقى من الصعب التحكم في الإيحاءات والجمل الكثير، فلا أحد يمكن أن يصل إليهم لمحاسبتهم وطالما هناك قصور في القوانين المجرمة لظاهرة التنمر الإلكتروني التي تكتسح مواقع التواصل الاجتماعي هذا يعني أن هؤلاء لن يردعهم شيء، بل سيتنمرون أكثر فأكثر، متسببين بحالة من الفوضى داخل هذه الفضاءات.
سن قوانين صارمة يضع حدا لظاهرة التنمر الإلكتروني
يوما بعد يوم يزداد التطور الحاصل على المستوى الإلكتروني وتطوير برامج الهواتف الذكية والحواسيب، ومعه تزداد الهواجس التي تؤرق مستخدمي هذه الأجهزة بسبب العنف الذي يتعرضون له بشكل يومي على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي واستصعاب مواجهة حدة ما يتعرضون له، ما يجعلنا نتحرك كمختصين في هذا المجال لمطالبة السلطة التشريعية لمواكبة ما يحصل وتجريم التنمر الإلكتروني مثل الكثير من الجرائم الإلكترونية التي تسبب الكثير من الآثار الخطيرة ليس في المجتمع الافتراضي فحسب، بل تنتقل إلى العالم الحقيقي وهنا تكمن الخطورة.
عندما نقول سن قوانين تجرم التنمر على مواقع إلكترونية والسوشل ميديا، لا بد أن تكون مدعومة بصيغة تنفيذية صارمة ورادعة تقوم بها أجهزة مختصة بهذا المجال للتحرك السريع نظرا لسرعة انتشار الإشاعات وعملية التشويه والخداع وابتزاز واستغلال الاشخاص الذين يتعرضون لتهديدات قد تودي بهم إلى الهلاك، وهذا يتطلب جهدا بشريا وتقنيات متطورة ومعرفة استخدامها ومواكبة كل تطور حاصل في هذا المجال.
*الاعلامية الجزائرية منى شلبي.
كاتبة ومدربة اعلامية ومتخصصة في التواصل الاجتماعي