ما هي اجراءات المرجعيات بموضوع
العقارات والفنادق المباعه بالقدس؟..
بقلم المحامي راجح ابو عصب
المنتصف
لمدينة القدس مكانة فريدة ومتميزة بين كافة مدن العالم ولا تشبهها في هذه المكانة الفريدة اي مدينة اوعاصمة من عواصم دول العالم المختلفة ذلك انها تجمع بين كونها مهد الديانات السماوية الثلاث : الاسلامية والمسيحية واليهودية كما استوطن فيها العديد من الانبياء والرسل منهم ابراهيم ابو الانبياء عليه السلام وابنه اسحق وحفيده يعقوب عليهما السلام وكذلك داوود عليه السلام الذي اسس فيها مملكة عظيمة وقد مات فيها ودفن فيها ايضا وورثه في ملكه على بيت المقدس ابنه سليمان عليه السلام وقال الامام سفيان الثوري وهو احد الاعلام الزاهدين وامام من ائمة الحديث النبوي واحد تابعي التابعين الذي عاش في القرن الهجري الثاني قال : قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا عليهما السلام .
كما ان مدينة القدس عاش كثير من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم من مات فيها ودفن فيها ومنهم عبادة بن الصامت وهو اول من ولي قضاء فلسطين حيث سكن بيت المقدس وفيها مات وفيها دفن كما ان شداد بن اوس الصحابي الانصاري الذي يعد واحدا من فضلاء الصحابة وعلمائهم سكن بيت المقدس وفيها توفي ودفن في مقبرة باب الرحمة بالقرب من السور الشرقي للمسجد الاقصى المبارك
والقدس اولى القبلتين حيث كانت قبلة المسلمين الاولى في صلاتهم لمدة ستة عشر شهرا قبل ان يأمر الله سبحانه وتعالى رسوله الاكرم محمدا صلى الله عليه وسلم والمسلمين ان يحولوا القبلة الى شطر المسجد الحرام في مكة المكرمة وهي موطن الاسراء والمعراج فقد اسرى برسولنا الاكرم من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركه الله وبارك ما حوله ومن المسجد عرج به جبريل عليه السلام الى السماوات العلى بأمر من الله سبحانه وتعالى .
ويكفي مدينة القدس فخرا انها تضم المسجد الاقصى المبارك الذي هو احد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال كما جاء في الحديث الذي يرويه الصحابي الجليل ابو هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله وسلم : ” لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الاقصى وقد ذكر رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الجليل ابو ذر رضي الله عنه ان المسجد الاقصى بني بعد المسجد الحرام باربعين سنة وهذا يدل على ان هذا المسجد المبارك ثاني اقدم المساجد وثالثها من حيث القداسة الدينية .
والقدس ايضا ارض المحشر والمنشر فقد روي عن ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انها قالت قلت يا رسول افتنا في بيت المقدس قال ارض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فان للصلاة فيه كألف صلاة في غيره وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اراد ان ينظر الى بقعة من الجنة فلينظر الى بيت المقدس .
وبالاضافة الى المكانة المقدسة للقدس عند المسلمين فلها قيمة كبيرة دينية لدى المسيحيين حيث يعتقدون ان السيد المسيح عليه السلام مات في القدس وقام في اليوم الثالث من القبر ولذلك فهي تعتبر قلب الايمان المسيحي كما ان كنيسة القيامة تعتبر ام الكنائس كما شهدت القدس العديد من معجزات السيد المسيح عليه السلام وفيها درب الالام الذي يمتد من باب الاسباط الى كنيسة القيامة ويتكون من 14 مرحلة وفي هذا الدرب الكثير من الكنائس والمزارات التي تمثل مراحل الام السيد المسيح وفي القدس ايضا كنيسة الجثمانية وبالقرب منها كنيسة رقاد السيدة مريم العذراء .
كان لا بد من هذه المقدمة وان طالت لبيان اهمية مدينة القدس ومكانتها الفريدة والمتميزة من عواصم ومدن العالم كلها وذلك لايضاح ما تعانيه هذه المدينة المقدسة من اهمال وتقصير من العديد من الدول العربية والاسلامية التي لم تقدم شيئا للمحافظة على عروبة واسلامية هذه المدينة المقدسة ولبيان مدى الاخطار المحدقة بها في هذه الايام وخاصة ما يتم تسريبه للمستوطنين من منازل وعقارات فيها ولقد ازدادت ظاهرة تسريب المنازل والعقارات للمستوطنين المتطرفين في القدس مؤخرا بصورة كبيرة حيث لا يكاد يمر يوم او اكثر او اسبوع او اكثر او شهر او اكثر دون ان نسمع عن تسريب عقار او منزل في احد احياء القدس .
وقد ازدادت ظاهرة تسريب المنازل والاراضي مؤخرا وبصورة خاصة في حي سلوان وكان اخر تلك المنازل منزل عائلة صيام وجاء الاستيلاء عليه بعد ان ظلت قضية تسريب المنزل في اروقة المحاكم الاسرائيلية نحو ربع قرن من الزمان .
وقد تم تسريب بيت عائلة صيام هذا لجمعية العات سنة 1986 وتهدف الى تهويد القدس الشرقية من خلال اقامة حزام استيطاني يهودي حولها والاسم العاد هو اختصار لجملة نحو مدينة القدس باللغة العبرية وهذه الجمعية التي اسسها ديفيد بير وهو نائب سابق لوحدة المستعربين وتستخدم كافة الاساليب القانونية وغير القانونية للاستيلاء على البيوت والاراضي في سلوان .
ويلعب السماسرة دور غاية في الخطورة في تسريب العقارات المقدسية للمستوطنين حيث يلجأون ايضا الى اساليب الغش والخداع في احيان كثيرة للاستيلاء على تلك العقارات من ذلك ان احدى السمسارات ادعت انها ام لايتام وتريد شراء منزل لترميمه لتسكن فيه هي وايتامها وبالفعل نجحت في خداع مالكي المنزل واشترته منهم ثم باعته للمستوطنين وقد استطاعت تلك الجمعيات الاستيطانية اليهودية مثل العاد وعطيرات كوهنيم من تكوين شبكة من محامين ورجال اعمال وسماسرة ومهندسين ومساحين ومخمنين يساعدون تلك الجمعيات في السيطرة على العقارات الفلسطينية في القدس .
وللتدليل على الدور الخطير الذي يلعبه سماسرة فلسطينيون في تسريب المنازل للمستوطنين نشير الى الدور الذي يلعبه سماسرة في تسريب منزل ال جودة في عقبة درويش للمستوطنين الذي لا يبعد سوى بضع عشرات الامتار عن المسجد الاقصى المبارك فقد تبين ان السمسار اشتراه باقل من ثلاثة ملايين دولار وباعه للمستوطنين ب 17 مليون دولار كما قام سمسار اخر بتسريب منزل لأل العلمي في ذات الحي ومجاور لعقار ال جودة الى المستوطنين وقالت رابطة ال العلمي في بيان اصدرته ان البيع تم لمواطن فلسطيني بنصف مليون دولار دون ان يعلموا انه سيسربه الى المستوطنين ولم يعلم المبلغ الذي باع به السمسار المنزل للمستوطنين .
وبالاضافة الى سماسرة فلسطينيين ينشطون في تسريب العقارات المقدسية الى الجمعيات الاستيطانية هناك شركات تتخذ من قبرص واليونان مقرات لها حيث تنشط في تسريب عقارات واملاك المقدسيين ووضع اليد على اكبر قسم من الاراضي والعقارات في القدس الشرقية وهي تدفع مبالغ خيالية مقابل كل عقار حتى ولو كانت مساحته صغيرة جدا ومثال على ذلك ان هذه الشركات دفعت 17 مليون دولار ثمنا لمنزل عائلة جودة مع ان مساحته لا تتجاوز ال 200 متر .
وهذه الشركات انجزت الكثير من صفقات الاستيلاء على العديد من العقارات في القدس الشرقية . والظاهرة الخطيرة ان تسريب العقارات المقدسية تسارعت وتيرته وازداد نشاط السماسرة المتعاونين مع جمعيات العاد وعطيرات كوهنيم بعد اعلان الرئيس ترامب القدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارته اليها من تل ابيب .
وهناك اسلوب اخر لاستيلاء على عقارات المقدسيين اشد خطورة وهو قيام شركات يهودية بالاعلان عن منح قروض امام المقدسيين وتقوم ايضا بتسهيل حصول هذه القروض بمبالغ كبيرة تبدأ من مئة الف دولار وقد تصل الى مليون دولار ومقابل هذه القروض يتم رهن منزل او ارض المقدسي الذي يحصل على القرض وفي حال عجزه عن سداده تقوم بالاستيلاء على المنزل او الارض .
ولعل اخطر صفقات تسريب العقارات المقدسية لجمعيات الاستيطانية تسريب عقارات باب الخليل حيث تعتبر صفقة تسرب العقارات المملوكة للبطركيه الارثوذكسيه لجمعية عطيرات كوهنيم تهديدا حقيقيا لوجود المقدسي العربي في تلك المنطقة الحساسة من القدس الشرقية اذ ان العقارات التي سربت وتتضمن فندق بترا وامبريال تعد واجهته البلدة القديمة من ناحيه باب الخليل كما تعد جزءا من مشروع استيطاني لتهويد القدس القديمة .
والامر الاخطر والمثير للاستغراب في هذه القضية ان المحكمة العليا الاسرائيلية حكمت لجمعية عطيرات كوهنيم الاستيلاء على تلك العقارات استغربت تساهل البطيركية الارثودكسية في معالجة هذه القضية وقد تضمن قرار المحكمة تساؤلا للقاضي حيث كتب يقول التساؤل الذي يحوم حول الصفقات الثلاث هو ما هي مصلحة البطريكية في بيع املاك في موقع بائع الحساسية مثل البلدة القديمة ولماذا تتم هذه الصقات في الخفاء ؟
ولا بد للاشارة خلال الحديث عن هذه الصفقة الى ان صحيفة معاريف الاسرائيلية كانت قد نشرت في عام 2006 انه تم بيع المباني الثلاثة فندق البترا الذي يتكون من اربعة طوابق وفندق امبريال الذي يتألف من طابقين كبيرين اضافة الى بيت المعظمية في حي باب حطة اي هذا التسريب بدأ قبل 13 سنة او اكثر فلماذا لم يتم متابعة هذه القضية الخطيرة منذ ذلك العام 2006 او لماذا هذا التراخي والتساهل في عدم السعي لافشال هذه الصفقة وهي في مهدها ؟
والسؤال المطروح هنا اين دور المرجعيات المقدسية من هذا النشاط الواسع في تسريب عقارات المقدسيين الى الجمعيات الاستيطانية لقد كان الراحل الكبير فيصل الحسيني عندما كان المرجعية الوحيدة في القدس يحرص على متابعة كل صغيرة وكبيرة في القدس الشرقية وكان يعمل ذلك في صمت ودون بهرجة اعلامية ولم يتم خلال وجوده تسرب اي من العقارات المقدسية للمستوطنين ولم يكن يجرؤ اي مقدسي في تلك افترة على تسريب منزل للمستوطنين ولم يكن السماسرة يعملون في العلن ان وجدوا انذاك في العلن كما هو حالهم اليوم ؟
ان السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق اوسلو لا يحق لها العمل في القدس الشرقية امر مقاضاة من يحمل الهوية الزرقاء ولكن تستطيع السلطة محاسبة السماسرة والمسربين من خلال منعهم من دخول اراضي السلطة الفلسطينية وممارسة العمل فيها وكذلك منعهم من شراء عقارات او ولمواجهة ظاهرة تسريب العقارات لا بد من تعاون وتنسيق بين رجالات القدس والسلطة الفلسطينية لمواصلة افشال تسريب تلك العقارات وذلك بالاساليب السلمية مثل الاقناع والسعي لشراء تلك العقارات قبل بيعها للمستوطنين وكذلك من خلال فضح السماسرة ونشر قائمة سوداء باسمائهم ولا بد للدول العربيه الثرية من انشاء صندوق مالي يتم من خلال المسارعة ا لى شراء تلك العقارات المعروضة للبيع قبل ان تصل الى ايدي الجمعيات الاستيطانيه والاغرب من ذلك ان السماسره في هذه الايام والذين يعتبرون انفسهم بانهم رجال اعمال وعلى علاقات مع محامي العقارات لتدليل عقد الصفقات يتواجدون بهذه الايام ويستقبلون في الافراح والمناسبات على انهم كباريات رجال المدينه وهذا مؤسف جدا ويجب على الناس مقاطعتهم وعدم دعواتهم لمثل هذه المناسبات في النهايه نسال الله على ان يخفف علينا هذه الماسي .
والله الموفق .
