أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

لماذا صفقة القرن الآن؟ بقلم أسعد العزوني

لماذا صفقة القرن الآن؟بقلم أسعد العزوني

اسعد العزوني
المنتصف / الكاتب الاردني اسعد العزوني

صحيفة المنتصف
غاص الجميع في مستنقع صفقة القرن ،فمنهم من حام حولها وإدعى المعرفة ،ومنهم من إقترب منها قليلا وقال كلاما خفيفا ،وآخر من إستفزني ذلك الذي خرج على إحدى الشاشات وقال أن الأردن سيأخذ مليارات كثيرة من صفقة القرن ،وأيم الله لو ان ذلك الشخص تعمق في الصفقة لإكتشف أن نصيب الأردن هو 250 مليارا ،جرى تفصيلها في مقالات سابقة.
توقيت الصفقة أمر مهم لكن أحدا لم يتطرق له ،لذلك إرتأيت أن أركز هنا عن التوقيت الذي يعد الأهم في معالجة هذه الصفقة،وليس سرا القول أن الهدف الأبرز من صفقة القرن هو دمج مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية في المنطقة ،وإعلان نشوء مملكة إسرائيل الكبرى ذات النفوذ الممتد ما بين الشاطيء الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، والشاطيء الغربي لبحر قزوين حيث جاء يهود الخزر من مملكة الخزر ،التي إعتنق ملكها الخاقان اليهودية هربا من الضغوط الإسلامية والمسيحية عليه.
تكمن القصة في أن المسلمين في عهد مروان بن محمد أغاروا على المدن الخزرية 732-733 م ،وحطموا جيشها بالكامل وقتلوا منهم 100 ألف ،وتم أسر 7 آلاف،وعندها طلب الخاقان السلام مقابل بقائه في عرشه ،ووعد بإعتناقه الإسلام ،ووقع الطرفان على معاهدة سلام ،لكنه تبين أن الخاقان إعتنق الإسلام ظاهريا ،وعندما إكتشف المسلمون أمره لجأ إلى اليهودية وإعتنقها ،ولذلك نقول أن يهود اليوم ليسوا يهودا ،لأن بني إسرائيل إنقرضوا.
نعود إلى موضوعنا وهو صفقة القرن ودمج مستدمرة الخزر في المنطقة ،وهو أن ذلك لن يتم إلا بشطب إيران وتركيا ،ولذلك ركزوا معي على الحرب السعودية –الإيرانية ،والهجوم السعودي المتواصل على تركيا ،ولم تكن جريمة مقتل الكاتب السعودي جمال خاشوقجي في قنصلة السعودية بإستانبول بعيدة عن توريط تركيا ،كما سيتم شطب جامعة إيدن العربية ،وإستبدالها بجامعة الشرق الأوسط الكبير ،وستكون حتما تحت الإمرة الإسرائيلية لأن المستدمرة الخزرية ستكون عمودها الأساس.
السؤال الملح الذي يتكرر هو لماذا الآن ؟
الجواب على هذا السؤال طويل ويقودنا إلى قراءة المشهد الخزري في فلسطين المحتلة بالكامل ،إذ تشير الإرهاصات إلى ترهل وضعف المستدمرة بعد 71 عاما على زرعها نبتا شيطانيا في المنطقة حسب ما ورد في وثيقة كامبل السرية الصادرة عن مؤتمر كامبل عام 1907 بعد إكتشاف النفط في الخليج،رغم إمتلاكها الحلفاء الأغبياء في الغرب والسفهاء في المنطقة،ورغم إمتلاكها السلاح النووي.
ومن صور الترهل والضعف الخزري في فلسطين،إزدياد الهجرة المعاكسة ،وعدم الإيمان بالصهيونية بعد أن إكتشفوا أن لفلسطين أهل ،قدموا أرواحهم من أجلها،كما نلمس في مجتمع الخزر ردة عن اليهودية ،فهناك حتى حاخامات يعتنقون الإسلام ،والعديد من المثقفين يعلنون إلحادهم،ناهيك عن التكاثر الفلسطيني ،فبعد ان كان عدد الباقين في فلسطين المحتلة عام 1948 نحو 100 ألف أصبحوا اليوم نحو 1.5 مليون فلسطيني ،ولم ينسى الفلسطينيون وطنهم حتى بعد موت الكبار،وها هي مسيرات غزة الأسبوعية خير مثال ،ناهيك عن شعور الفلسطينيين في الشتات.
تعاني مستدمرة إسرائيل الخزرية من وقف الهجرة الخارجية ،كما أنها وبسبب الهجرات السابقة تحولت إلى مجمع هويات وثقافات،الأمر الذي خلق النعرات المضرة،وللتذكير فإن إرهاب داعش في أوروبا كان بهدف إجبار يهودها على الهجرة إلى فلسطين لكنهم رفضوا الإنصياع لنداءات النتن ياهو.
تشهد مستدمرة الخزر في فلسطين منذ فترة صعود اليمين المتطرف ،مع أنني لا أستسيغ التفرقة هنا بين يمين أو يسار فكلهم مستدمرون،كما أن الفساد يستشري بسرعة متناهية عندهم ،وباتوا يهرولون بعيدا عن الديمقراطية بدليل حكم شارون والنتن ياهو،ناهيك عن الشك الدائم بالبقاء في فلسطين.
أثناء إستقباله لضيف غربي كبير قال بن غوريون ردا على سؤال لضيفه حول سبب شروده الدائم ،أنه قلق حول إمكانية دفن حفيده في فلسطين ،بمعنى أنه يشك في إمكانية بقاء الخزريين في تلك البلاد،ولا ننسى أيضا صحوة الضمير الغربي ،وإنطلاق حملات المقاطعة ال” BDS”ومشاركة رموز إسرائيلية فيها ،إضافة إلى مواقف طائفة “ناطوري كارتا” المعارضة من الأساس لوجود كيان يهودي .
يعاني مجتمع الخزر في فلسطين من ظاهرة فقدان الثقة بالجيش الذي لم يعد في مخيلتهم الجيش الذي لا يقهر، بعد الهزائم المتتالية التي يواجهها أثناء مواجهاته مع الفلسطينيين إبان كانوا يحملون السلاح قبل أوسلو ،ولم تقتصر المواجهة الفلسطينية حاليا إلا على حركتي الحماس والجهاد الإسلامي على هيئة صمود ،إضافة إلى واقعة حزب الله التي لم تتكرر عام 2006، التي هدد خلالها حزب الله بضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ ،كما تهدد حماس حاليا بضرب العمق الإسرائيلي في حال تعرضت غزة لعدوان جديد،وهذا بدوره يلحق الضرر النفسي بالمستدمرين الذين كانوا فرحين بالهزائم العربية ،ظنا منهم أنها إنتصارات لجيشهم.
لم يصمد هذاالجيش لا أمام حزب الله ولا أمام حماس والجهاد في غزة ،علما أنهم أصلا لم يخوضوا مواجهات حقيقية مع الجيوش العربية منذ العام 1948 حتى العام 1973،وإنما كانت الأمور تسير وفق عمليات ممسرحة وسلّم وإستلم ،حتى ان المقبور السادات حول نصرنا في حرب أكتوبر إلى هزيمة.
ظاهرة أخرى تتعمق في مجتمع الخزر وهي تجنيد أجهزة مخابرات دولية لبعض المسؤولين الإسرائيليين مدنيين وعسكريين،وفي مقدمة التسهيلات التي تساعد على طرح صفقة القرن هو تحول البندقية الفلسطينية إلى غصن زيتون ،بسبب ضغوط السعودية ووعودها بأن قرار الدولة الفلسطينية في جيب الملك .
من الأسباب القوية لطرح صفقة القرن أيضا هو إعلان وكشف التحالف السري بين السعودية والإمارات مع مستدمرة الخزر،وقيام الطرفين بمساعدة الخزر على تهويد القدس من خلال قيام الإمارات بشراء عقارات مقدسية وتسريبها إلى المستدمرين الخزر بأسعار فلكية ،والضغط السعودي على الأردن للتنازل عن الوصاية الهاشمية،ويذكر أن السعودية تحاول ومنذ العام 1970 دفع المليارات من أجل السماح لها برفع علمها على المسجد الأقصى ،وتعرضت مؤخرا لأكبر هزيمة في التاريخ تمثلت برفض الشخصيات المقدسية الإسلامية والمسيحية ،بزيارة الرياض وإصدار بيان يطالبون فيه بتسليم الوصاية على المقدسات العربية في القدس المحتلة للسعودية مقابل حصولهم على شيكات مفتوحة .
هذا التحالف الذي نتحدث عنه وجد في ترمب الوسيلة الوحيدة لفرض صفقة القرن ،مع أنه لا يحب المستدمرة ،وإبان حملته الإنتخابية إتصل بالإيباك في واشنطن وطلب لقاء مسؤوليها ،وقال لهم أنهم لا يحبونه وانه لا يحبهم كما انه ليس بحاجة لمساعدتهم كونه غنيا ،لكنه طلب منهم إيصال كلمتين للنتن ياهو ،أن المستدمرات في الضفة الفلسطينية غير شرعية ،لكنه وبعد أن وجد نفسه غارقا في مستنقع الفضائح والفشل في البيت الأبيض بسبب إنكشاف دور المخابرات الروسية في إيصاله للحكم ،إنصاع لضغوط صهره الصهيوني كوشنير الذي أقنعه ان المستدمرة هي طوق نجاته ،ولذلك قدم القدس والجولان هدية للمستدمرة وربما سيقدم لا حقا الضفة الفلسطينية ،ولا أستغرب حسب ما أملك من معلومات أن يعلن ترمب تهوده قريبا،وليس غريبا أن يختار ترمب مساعديه ومستشاريه من اليهود الصهاينة “الإنجيليون”،إلى درجة أنه أفرغ الحزب الجمهوري الذي يتمسح به من محتواه وحوله إلى حزب إنجيلي.
صحيح ان صفقة القرن هي لإنقاذ المستدمرة ،لكن المستدمرة ما تزال ترفضها لأنها تريد من ترمب منحها الضفة الفلسطينية والتعهد بضمان حقها في الضفة الأردنية ،وهذا أحد أسباب فشل النتن ياهو القوية بتشكيل الحكومة بعد الإنتخابات الأخيرة ،وقفز المستدمرة إلى إنتخابات جديدة في أيلول المقبل.
يعلم مستدمرو الخزر في فلسطين أن إنتفاء العدو الخارجي سيفضي إلى حرب أهلية فيما بينهم كما يرد في التوراة ،وما حدث بين المملكيتن العابرتين في فلسطين،وهذا سبب قوي آخر لرفضهم صفقة القرن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى