أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

يا من تسكنون شرق الأردن…. هذا مشروعنا العاجل

الكاتب الأردني فؤاد البطاينه/المنتصف
الكاتب الأردني فؤاد البطاينه/المنتصف

صحيفة المنتصف

واحد وعشرون جنسية تنشدون لها وتَشعَرون، تقوم على واحد وعشرين مستعمرة. منها واحدة محتلة شعبها يقاوم حيثما يستطيع بعد دماء قوافل من الشهداء أضاعتها الخيانة الفلسطينية والعربية هدرا، نظامها خائن بالمراوغة والنفاق ويحمي الإحتلال. والثانية الأردن، يجري احتلاله وتدميره وتدمير إنسانه من الداخل، شعبه فاقد لهويته وكل اعتباراته ولخواصه السياسية المفترضة بعد انشاء الدولة، وفقد خواصه التي كانت قبل انشائها، ونظامه أنهى دوره وقبض الثمن من بيعه مقدرات الدولة، أنهك الشعب وهدَم الدولة وسلَّم المفتاح وبقي فراشا يناور من أجل الإكرامية. نظامان هشان يتماهان مع المخطط الصهيوني في خدمة أسرائيل ويصنعان جيشان رديفان لجيش الاحتلال. وشعبان أكلهما اليأس والجوع والقهر ويتمنعان عن التغيير تحت وطأة الحاجه لفرصة عمل

إسرائيل لا تمتلك من مقومات الصمود لساعة، إلا أن شعوبنا عندما تقابل التحالف الصهيو\ أمريكي وخيانة الأنظمة بالخنوع، فإنها هي من تصنع النصر علينا، حتى أصبح الوطن العربي كله ساقطا عسكريا وسياسيا ومستعمرا بأجلى الصور. وبات إنسان الشعب العربي هو المستهدف بإنسانيته وقيمه وبكل مقومات ثقافته ومكونها الرئيسي “الاسلام ” الذي اصبح عقدة الغرب كله، وأصبح مع الأسف عندنا فولوكلور،.. ونحن لا نطمح من انظمتنا لو كانت حرة أكثر من حماية دولها وإنسانها، وهذا ممكن بالتحالف الصحيح وبأسلحة الردع المتاحة. فالتحرير مهمة المقاومة التي لولا أنظمتنا العميلة وغير القومية كلها لما استطاع الاحتلال كبحها وتجريمها.

أمَّا حين تكون أنظمتنا في خدمة العدو ومتحالفة معه يصبح الوطن والشعب والقيم في دائر الاستهداف الوجودي ويصبح الدفاع عن النفس والوطن فرض عين على كل مواطن.

يا من تسكنون شرق الأردن إصحوا على واقعكم وواقع الدوله والنظام. حالكم هو غير حال سكان الاقطار العربية ووضعكم يختلف عن الوضع العربي وما يسوقونكم اليه أقسى. فأنتم وأرضكم حالة احتلاليه إحلالية قائمه، وتُعامَلون اليوم كشعب تحت الإحتلال الإسرائيلي بكل وسائله وتتعامون. تخضعون لكل وسائل التي ئيس وتضييق المعيشة والتهميش والتطفيش وليس من قرار يصدر إلا هادم للدولة وللمواطن. والعدو الصهيوني ينظر اليكم مدجنين وإخضاعكم سهل، ونظامكم يحظى بثقته وبخنوعكم.. أنتم كما يقال وقرأت ” راكبين في باص مهور والشفير بلم الأجرة “

 الجنسية الأردنية كانت إعارة، هبطت عليكم في سياق استعارتكم من وعد بلفور وللم شملكم باخوانكم في غرب النهر على نفس الجنسية المعارة على خلفية المشروع الصهيوني واحتلال فلسطين. واستخدمت هذه الجنسية لتكون ملعوبا رقميا وأمنيا وغطاء لفقدان الهوية الوطنية، وبديلا عنها، وكان الحرص شديدا على عدم تفعيل مستحقاتها المعروفة في القانون الدولي ومستحقات المواطنة، وعلى دمج هوية السكان من غرب وشرق النهر ومن كل صوب بهوية الملك لا بأرض الدولة ولا بعروبتهم ولا بأي رمز وطني. وسكتم رعايا في أرضكم لا مواطنين ولا شعب منتمي لوطن أو دولة. إلى أن سلم الراعي المرعى بلا عشب يابس أو أخضر ومشى وترككم تحت وابل النيران.

يا من تسكنون شرق الاردن وتدعون بانتمائكم اليه إصحوا، أنتم الأن مركز العمل الصهيوني المباشر، بعد أن نجحوا في جعلكم على يد النظام رعايا في وطنكم وحالة انفصالية عن الوطن وعن الشعب الفلسطيني والعربي لتصبحوا نسخة محسنة لمشروع الهنود الحمر نفسه. الدولة الكذبة لم يبنوها لكم بل بنوها على مقاس مقصلة لهوية الشعب العربي الفلسطيني وهويتكم معا، ومقصلة للقضية التي اسمينا بالقضية الفلسطينية وما هي إلا قضيتكم بتمام الدرجة، وقضية كل عربي. فلقد وضعوا لكم منذ بداية الانتداب نظرية وكنتم فيها من وجهة نظرهم بدوا في صحراء فلسطينيين، وفلاحين نائمين في غورها وشفاه، وأنشأوا الدولة ونفخوكم بهواء فاسد حتى دجنتم وأصبحتم وسيلة في دولة دور وأعداء لأنفسكم ولأرضكم. وهذه الدولة اليوم قد انحلت وأنتم تتحطمون في داخلها ويتحطم الأمان وكل قيمكم ومعاييرها.

العشائر والقبائل في شرق الأردن هي بالألاف، كانت موجودة بمضمونها وتماسكها وهيكلية شيختها المتوارثة، وكانت لها هويتها المناطقية المرتبطة تماما بالوطن العربي والمنتمية اليه، ولم تكن تعرف حدودا اجتماعية أو سياسية أو جغرافية مع فلسطين وشعب فلسطين بالذات، وتتواصل مع امتداداتها هناك وفي سوريا وفي شمال الجزيرة وغرب العراق.

أما اليوم بفعل سياسة النظام الاردني الاستعمارية لمئة عام في اطار حدود سايكس بيكو ووعد بلفور لم تعد هذه العشائر والقبائل موجودة بمضمون ماضيها، وبقيت الأسماء يتعلقون بها سرابا ويهمرون تهويشا مكشوفا للنظام. وليست هناك أية امكانية لإحياء ماضيها ما قبل الإمارة والدولة أو العودة اليه. فقد دُمرت أرضية ذاك الماضي ودُمرت الطريق اليه، كما لم تعد إمكانية لإحياء ماضيها بعد انشاء الدولة، فقد كان دورا مصطنعا استُخدمت فيه وانتهى الى غير رجعه. لا طريق لكم أبناء عشائرنا وقبائلنا للخلف أبدا، فهل تموتون أذلة مكانكم أم ستبحثون عن مرعى أسوأ خارج وطنكم، أم ستستوعبون واقعكم كي تستطيعون النظر لمستقبلكم ومستقبل وطنكم وأجيالكم ؟.

نحن الأن في الأردن نواجه غزوا صهيونيا وحربا غير معلنة في عقر دارنا تستهدف الانسان وهويته الثقافية والقيمية والعقدية بكل الموبقات على مذبح استهداف الأرض لاحتلاها، ليغلق به الملف الفلسطيني الذي كنا ننكر أننا في قلبه. نواجَه ونحن في دولة وهمية ومفككة، نظامها متواطئ. وبجبهة داخلية محطمة ومنهكه. (والنقى مردود علينا ) ونطنشه ضعفا من فرقة، وقلة في الإنتماء وعجزا، بفعل العزل الوطني وإبقائنا على الحواجز المصطنعة بيننا. فنجال الوطن ليس كفنجال الفزعة لغزوة، بل هو اليوم لرد عدوان أمريكي صهيوني متسلح بعملائه المحليين على كامل الوطن وشعبه. إنه فنجال مات شيوخه وغابت معهم الوطنية والقومية وتشتت ناسه وأصبحت فلسطين غريبة. فنجال لا يقدر على شربه إلا شخص وحدتنا كشعب عربي وصاحب قضية واحده ومصير واحد.

 ليس معقول أن يكون الكلام والفرقة من استحقاقات هذا الظرف التي تشن علينا فيه حرب. لنتذكر بأن العدو نال منا بسلاح الفعل وهُزِمنا بسلاح الكلام والفرقة. ولنتذكر بأن المستعمر البريطاني صنع لنا لباس التفرقة بشماغين أحمر وأسود لنحارب بعضنا بهما وأنشأوا المصانع لهذا اللباس. تأكدوا بأن الصهيونية لو استطاعت صنع أسلحة ذخيرتها الكلام لصنعوها لنا كي نحاربهم بها. أليس هو الظرف الذي نُسقِط به ونزبل كل صالونات السياسة والدبلوماسية ونخبها وكل مؤسسات التفرقة ونعود شعبا بمضمون الأمة من جديد… وعندها فقط نستطيع التغلب على ضعفنا وهواجسنا ويأسنا ونصبح الرقم السحري الذي لا يُهزم ولا يُهزم وطنه. فليس هناك سابقة تاريخية هزم بها شعب بمضمون الأمة والمواطنة..

نحن في هذا البلد بمسمياتنا اردنيين وفلسطينيين شعب واحد وأمة واحدة بالغريزة والفطرة والعقيدة لا بقرار، وأسف أن أستذكر أحداث أيلول المشؤومة لأستعير منها ما يؤكد قولي لعل من لا يفقه أن يفقه. حيث فشل المخططون في هدفهم بصنع حرب أهلية من واقع أننا في ضمائرنا أمة. ولم ينالوا سوى قراءة الحقيقة، فالحرب التي خطط لها بين الجيش والفدائيين وفرضت علينا قابلها على نفس الساحة والأرض التآخي والمحبة والحماية المتبادلة بين كل ناس الوطن ومن أبناء المتقاتلين وعائلاتهم وذويهم. فلقد جمعتهم الكهوف والزوايا والملاجئ يتقاسمون فيها الأمن والغذاء والدعاء. فكيف أننا لسنا امة بالفطرة والعقيدة.

أما اليوم فأصبحنا أمام ظرف استحقاقه هو، كلَّا للملاجئ والمنازل والمخابئ، كلا لأدعية القاعدين فلن يدخلوها دون دفع استحقاق الأقصى واحتلال الوطن، كلا للاتكال على جيوش أصبحت تعتاش على على جثة الوطن ومستقبل أبنائه وتمارس سلوك الاحتلال الاسرائيلي. كلا لأي تنظيم أو جسم سياسي أردني لا يضع على اجندنه بندا واحدا هو إعادة بناء الشعب الواحد وهويته الوطنية القومية بمضمون الأمة، والمؤهل وحده لإعادة الثقة واستنهاض الشعب للخروج الجماعي الواعي للشارع في وجه الصهيونية الأمريكية وكل أعوانها وحكوماتها في بلادنا، والمؤهل لفرض الارادة الشعبية في بناء دولة الصمود بدلا من دولة الدور. على أنقاض نهج سياسي لا حياة ولا دولة ولا وجود لنا معه. إنه الجريمة الكبرى بحقنا وحق فلسطين، والقدس منها الروح، إنه نهج المستعمِر، هذا هو مشروعنا العاجل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى