المقابلة ما يزال متمسكا بعقيدته العسكرية.. بقلم اسعد العزوني
العقيد المتقاعد محمد المقابلة
ما يزال متمسكا بعقيدته العسكرية
بقلم اسعد العزوني
صحيفة المنتصف
أسعد العزوني
جمعتني به الصدفة المحضة في ندوة بمجمع النقابات المهنية تحدث فيها عن التطبيع ،وتحدثت أنا عن صفقة القرن ،وأذهلني ما سمعت من الرجل ،وأعترف أنه غير بعض القناعات المسبقة لديّ عن بعض العسكريين الذين يتقاعدون ،وأشد ما أذهلني أنه يتمتع بحضور قوي ،وكأنه ما يزال على رأس عمله.
عن العقيد المتقاعد محمد المقابلة أتحدث ،وإنصافا له ووفاء وتقديرا لمنطقه وإيمانه ،أكتب هذه السطور التي لن تعطيه حقه ،لأنه أكبر من ذلك بالتأكيد ، فالرجل يستحق ولا بد من تقديره ولو بالكلمات ،لأننا في زمن عز فيه الرجال ،ولذلك بات ضياعنا أسهل من شربة ماء كما يقال.
لم يكن الرجل عسكريا فقط ،بل كان وما يزال يجمع المجد من كافة أطرافه ،فأثناء حديثه عن التطبيع ،أبدع في التحليل والتوصيف،ووضع النقاط على الحروف دون أن يخشى في الحق لومة لائم،وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على إن الرجل كان عسكريا جيدا.
حذر العقيد المتقاعد محمد المقابلة من التطبيع مع العدو الصهيوني الذي لا يزال عدونا الرئيس ، الذي لا يمكن حل الصراع معه إلا بلغة الرصاص التي يفهمها ويستحقها،كما حذر الرجل من أخطر انواع التطبيع وهو التطبيع العسكري وإختراق المناهج التعليمية لصالح العدو.
كان العقيد المتقاعد المقابلة جراحا سياسيا ماهرا في تشريحه للأمور خاصة الموضوع الذي كان يتحدث فيه ،وهو التطبيع بطبيعة الحال ،ولم يترك شاردة أو ورادة إلا وأفرد لها مساحة في حديثه رغم ضيق الوقت،ولم يهمل التفاصيل ،وتستحق ورقته أن تدرج في مساق تعليمي يبدأ برياض الأطفال ولا ينتهي عند دراسة الماجستير والدكتوراة ،إضافة إلى إعتماده منها خاصا في دورات التأهيل العسكري والدبلوماسي.
تحدث الرجل عن دور شواطيء البحر الأبيض المتوسط في مجال التطبيع من خلال تنظيم رحلات شبابية إليها ،لضرب الركيزة الأخلاقية عند شبابنا ،وعن تطبيع المناهج ،لتفريغ النشء من محتواه العقدي والإيماني ،محذرا من وصول التطبيع إلى الأفراد بعد إن كان حكرا على المؤسسات،وإستعرض أوجه التطبيع الأخرى مثل تنظيم الرحلات إلى الكيان الصهيوني والمشاركة في المؤتمرات والإبتعاث الدراسي ،وكل هذه الأشكال التطبيعية تقتل العداء النفسي.
كان الرجل يتحدث بلغة مفهومة من القلب إلى القلب ،وكان يدعم حديثه بالشواهد التاريخية ،التي تخدم الموضوع وتدلل على خبث أعدائنا المـتأصل في نفوسهم ،ودلل على ذلك بتحالف الإصلاحي الأمريكي مارتن لوثر معهم ،ولكنه وبعد مرور 30 عاما على هذا التحالف ،إكتشف انهم يخدعوه ويحيكون المؤامرات ضده وضد الديانة المسيحية ويقومون بتشويهها وخطف الرهبان والقساوسة ،ما أدى به إلى التعبير عن صدمته والمطالبة بإبعادهم ليس عن أمريكا فحسب بل عن الغرب بشكل عام.
ولسعة إطلاعه كشف العقيد المتقاعد عن ترنيمة توراتية خطيرة وهي أن الرب لن يرضى عنهم إلا عندما يجعلوا أهل ربة عمون “عمّان”رجالا ونساء خدما وعبيدا لهم،وهذه رسالة نافرة الحروف لكل المنخرطين في التطبيع والواهمين أن بإمكان معاهدات السلام أن تحولهم إلى حلفاء.
وفي المجال العسكري كان الرجل ملتصقا بعقيدته العسكرية ،بقوله أنه في حال إضطررنا لمهادنة العدو ،فإن ذلك يجب ألا ينعكس سلبا على جنودنا ،لأن قتل العقيدة العسكرية لدى الجنود تمثل خطرا كبيرا ،وتكون نتائجه وخيمة ،وإستشهد بموقف له أثناء التدريبات بعيد توقيع معاهدة وادي عربة ردا على محاولة البعض العبث بالعقيدة العسكرية الأردنية بتغيير الغربي والشرقي إلى الأحمر والأصفر،وأن الراحل الحسين أيده في موقفه بعد أن علم بالقصة ،وزاره في الكتيبة وقال أن السلام يجب ألا يؤثر على سبطانات المدافع،وأختم أن هذا هو العسكري الذي نستطيع على يديه تحقيق النصر.