أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
ملفات

عبد الله التل بطل معركة القدس يقدم استقالته…بقلم موسى العدوان

عبد الله التل بطل معركة القدس يقدم استقالته
موسى العدوان

موسى باشا العدوان -المنتصف
موسى باشا العدوان -المنتصف

صحيفة المنتصف

عندما لم يستجب الجنرال كلوب رئيس أركان الجيش العربي لطلب عبد الله التل، في تعزيز قواته وإمداده باحتياجاته اللوجستية، لكي يواجه هجمات اليهود المتكررة في القدس، فقد بعث عبد الله التل باستقالته إلى وزير الدفاع هذا نصها :

معالي وزير الدفاع، بواسطة عطوفة رئيس أركان حرب الجيش العربي

إن الكبت والآلام التي أعانيها نتيجة الوضع الغريب في القدس، قد أثّرت في صحتي. ومن أجل التفرغ للمعالجة الطويلة، أرجو التكرم بقبول استقالتي. وثقوا يا صاحب المعالي، بأني سأعود مجاهدا في القدس، حينما أرى أية بادرة عن احتمال وقوع حرب جديّة، من الجانب العربي.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

القدس 14 / 9 / 1948
القائد
عبد الله التل
* * *

حينما وصلت هذه الاستقالة إلى وزير الدفاع، وأخبر جلالة الملك عبد الله عنها، غضب جلالته وأمر أن يُعرض على لجنة طبية لكي يعالج رسميا، ولم يسمح لأحد بإجابته على كتاب الاستقالة. وبناء على أمر جلالته أُرسل عبد الله إلى المستشفى العسكري في الزرقاء بتاريخ 16 / 9 / 1948. فوجد الأطباء الذين فحصوا جسمه، أنه يشكو حقا من فقر الدم نتيجة الكبت والإجهاد، وأصرّوا على إدخاله المستشفى لمدة أسبوع، ثم منحوه استراحة طبية لمدة أسبوع آخر.

عبدالله التل -المنتصف
عبدالله التل -المنتصف

وبعد أن خرج عبد الله من المستشفى استدعاه وزير الدفاع، وذهبا معا لمقابلة جلالة الملك عبد الله. وحينما صارا في حضرة جلالته، التفت جلالته إلى وزيره وقال مشيرا إلى عبد الله : ” هذا سيفنا وسندنا، والله ما يجوز يخلينا “. فأجاب عبد الله جلالته قائلا : ” أمركم مولاي . . ولكني آمل أن يُستخدم هذا السيف “. فرد جلالته : ” عيّن خير . . توكل على الله وخليك معنا “. ولم يكن هناك ، مجال للأخذ والرد، وانتهى بذلك الحديث عن الاستقالة بعد أن رفضها جلالة الملك بنفسه.

لقد وصف الأب ابراهيم عيّاد، عبد الله التل بما يلي ” كان البطل عبد الله التل منقذ القدس، وحامي أهلها والأماكن المقدسة فيها، صبوح الوجه، مهيب الطلعة، كريم النفس، محبا لأهالي القدس من مسلمين ومسيحيين، ويعمل على تخفيف معاناتهم ما استطاع، فأحبوه ووثقوا به، وكان حضوره مصدر الاطمئنان لهم. ولا يمكن وصف تعلق سكان القدس القديمة بهذه الشخصية الفذّة، التي جمعت مع الشجاعة والحكمة، مشاعر المحبة والعطف والحنان “.

أمّا شهادة العدو بعبد الله التل، فقد عبّر عنها الجنرال موشيه ديان قائلا :
” عندما قابلت عبد الله التل ترك انطباعا في نفسي، بأنه كان متفوقا جدا على الضباط والسياسيين العرب الآخرين، الذين واجهتهم في تلك الفترة. فقد كان عبد الله التل يكره المسؤولين الإنجليز، وكان يحتقر من يتملق إليهم “.

* * *
التعليق :

1. لقد كان البطل عبد الله التل قائد الكتيبة السادسة، يتحرق شوقا للانتقام من اليهود، الذين كانوا يقصفون الأحياء المدنية، ويقومون بهجمات متكررة على مواقع هامة في القدس، فوجد نفسه مقيدا لا يستطيع العمل، نظرا لعدم تقديم التعزيزات والنواحي اللوجستية اللازمة له، ليتمكن من الرد على تحرشات وهجمات اليهود في مدينة القدس.

2. فمن شيم القائد النبيلة، أنه عندما لا يستطيع أن يواجه عدوه بفعل عوامل خارجية، أن يقدم استقالته، لكي لا يكتب التاريخ في صفحته أنه قصّر بأداء واجباته.

3. ومن ناحية أخرى فإن القائد الأعلى للجيش العربي جلالة الملك عبد الله بن الحسين، لم يشأ أن يخسر قائدا شجاعا كان له حضور بارز، بين العسكريين والمدنيين في منطقة القدس وغيرها، واعترف بها العدو قبل الصديق. ولهذا رفض استقالته وأصرّ عليه بمواصلة جهاده ضد اليهود.

وبمناسبة الاحتفالات بمئوية الدولة أتساءل : هل يمكن أن نضع باقة ورد على أضرحة أولئك الرجال ورفاقهم، ونقرأ الفاتحة على أرواحهم الطاهرة، تقديرا لتضحياتهم في الدفاع عن الوطن، في كل زمان ومكان ؟

* * *
المرجع : كتاب عبد الله التل بطل معركة القدس ج 1 / الدكتور أحمد يوسف التل.

التاريخ : 7 / 2 / 2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى