أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
الأردنملفات

الرؤية الاستراتيجية في مقالة الملك عبدالله الثاني في الواشنطن بوست ..بقلم د. هشام المومني

الرؤية الاستراتيجية في مقالة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني..في مجلة الواشنطن بوست
صاحب اطول خدمة كقائد دولة عربي حفظه الله ورعاه
بقلم العميد المتقاعد المهندس د. هشام المومني

د. هشام المومني -المنتصف
د. هشام المومني -المنتصف

صحيفة المنتصف
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية 28 يوم نيسان/أبريل 2020 مقالة لجلالة الملك عبد الله الثاني، تحت عنوان “حان الوقت للعودة إلى العولمة، ولكن لنطبقها بالشكل الصحيح هذه المرة”، يدرك القارئ ومنذ الوهلة الاولى للمقالة بانها تحتوي على كم هائل من المفاهيم والتصورات والرؤى المستقبلة ، حيث بدا واضحا من المقال الذكاء الاستراتيجي من حيث وضوح الرؤية والاستشراف والتحفيز والتركيز الحاذق في القضايا الاستراتيجية المشتركة على الصعيدين المحلي والعالمي، مع القدرة على الفهم والتعامل الفذ مع التطورات والمتغيرات الجديدة والتفكير بطريقة منظمة بهدف تحسين اداء الدول استراتيجيا وذلك عن طريق ايجاد حلول للمشاكل بطريقة ممنهجة ومنظمة مع تجربة اساليب جديدة، والاستفادة من الخبرات السابقة والتعلم من التجارب التاريخية والحالية، مع استغلال قدرات الموارد واستغلال الامكانيات المتاحة وتقليص فجوات الفرص العالمية، وايجاد ابتكارات وتحسينات مستمرة من خلال توفر المرونة الاستراتيجية لتعديل او تغيير الاستراتيجيات المتبعة بما يتناسب مع المستجدات والتغيرات في البيئة الخارجية التي فرضتها جائحة كورونا مؤخرا، فجعلت التعاون لزاما على دول العالم في توحيد اهدافها لصالح البشرية جمعاء. فالمقال يوصي وكخلاصه ب ضرورة ايجاد منصة مشتركة لتعزيز التنسيق بين الشركاء الاقليمين والدوليين باستغلال مواطن القوة وموارد كل بلد لتشكيل شبكة امان اقليمية تحمي مستقبلنا المشترك ببساطه عالمنا الجديد سيكون مختلف ولذالك وجب (لنستفيد من “إعادة ضبط العولمة”، ولكن هذه المرة، علينا أن نركّز على تطبيقها على النحو الصحيح بإعادة ضبط عالمنا وأنظمته، علينا إعادة تشكيل المؤسسات الدولية وبناء مؤسسات جديدة)

اعيد نشر المقال باللغتين الانجليزيه والعربيه ادناه……………………..
التحليل الاستراتيجي للمقال:
قبل البدء. تعرف لاستراتيجية أو علم التخطيط هي مصطلح عسكري بالأساس. وتعكس الاستراتيجية الخطط المحددة مُسبقاً لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها. وعموما: هي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في أقل وقت ممكن وبأقل جهد مبذول (ويكيبيديا) …
يتم تحليل المقال عبر عده مجالات ونواحي استراتيجيه فمثلا في المجال الاول مجال الاستقراء والاستشراف للمستقبل (منظور الرؤية الشامل) يستقرأ جلالته المستقبل قبل البدء باعداد الاستراتيجيات من اجل تقويتها وزيادة فعاليتها على المدى البعيد من خلال امتلاكه لرؤية ذات ابعاد شمولية تحدد من خلالها سير العمل بتوفير الخبرات ا والإمكانيات في التعامل مع المتغيرات المستقبلية بقوله (لدينا الكثير لنستفيده من اعادة ضبط العولمة) واهميه توحد جهود المختصين نحو تحقيق الاهداف الموضوعة وصناعة القرارات بشكل سليم بقوله ( نركز على تطبيقها على النحو الصحيح ) مع المتابعه الدائمه للتطورات ومراقبه التغيرات في البيئة الخارجية لتكون الاساس الذي يعتمد عليه في عملية اتخاذ القرار والتركيز على التنبؤ بالاحداث الغيرمنظورة ذات الاحتماليه القليله وكيفيه التعامل معها من خلال قوله كمثال على الازمه الحاليه بقوله (كورونا هو تهديد يواجه كل قائد حول العالم) وان تمتلك الدوله و العالم الخبرات والامكانيات الكافية في التعامل مع المتغيرات المستقبلية مسبقا بقوله (الاردن على اتم الاستعداد للبناء على تجربته في مبادرة اجتماعات العقبة للمساعدة) وليس هذا فقط بل تشخيص الفرص المتاحة بغية استغلالها لتحقيق الاهداف الاستراتيجية بقوله (علينا ان نعالج فجوة الفرص العالمية بما في ذلك امكانية الوصول الى الرعاية الصحية) و اعادة هيكلة القدرات المختلفة تماشيا مع متغيرات البيئة المحيطة وتسهيل متطلبات ذالك بقوله (ان نسعى الى ضبط العولمة لتعزيز وبناء القدرات في بلداننا والتعاون الحقيقي فيما بيننا، عوضا عن التنافس).
——————
المستقبل يحتوي على تحديات وتهديدات كثيره منها ما هو متوقع واخر ربما ليس محسوبا معطيا مثلا بقوله (وهذه الحقيقة التي نعيشها(اي الكورونا) تؤكد مدى غرابة هذه اللحظة) ولذالك وجب تحمل المخاطرو من خلال القيام باعمال او واتخاذ قرارات ذات مخاطره كبيره واحترافيه بقوله (علينا أن نضع السياسة والسعي إلى الشعبية جانباً، كما يتعين علينا أن نقوم بعكس ما أمرنا به الطبيب، ) وبين الطريقه لذالك في ظل عدم وفرة المعلومات الدقيق والاستعداد المسبق والجاهزية لتعديل أو تغيير الاستراتيجيات لمواجهة المتغيرات المتسارعة (ولكن اذا اردنا التغلب عليه بقوله ( اي الكورونا) فعلينا ان نقوم بما قد يتعارض مع ما اعتدنا عليه)
ويركز جلالته على مبدأ الشراكه الجماعيه بين دول العالم بدعوته لعقد وبناء شراكات مع كل المنظومات العالميه والدول للاستفادة مما لديهم من موارد وتجارب وخبرات بل ذهب اكثر من ذالك بالدعوه الى التغلب على الصعوبات التي تواجههم في ادارة علاقاتهم مع شركائهم بادراكه لصعوبات العمل المشترك بقوله ( ولكن الأولويات المشتركة لا تترجم دائماً إلى عمل مشترك) و ( وبث الشكوك والريبة حول التعاون العابر للحدود بجميع أشكاله) و (بروز القوميات الوطنية الضيقة) …. وركز جلالته على على ضروره ﺻﻧﺎﻋﺔ القرارات الحاسمة مهما كانت بقوله (علينا ان نضع خلافاتنا جانبا وان ندرك ان خصومات الامس لم تعد تعني شيئا في مواجهة هذا التهديد المشترك.و(إلى التكامل في عالمنا من جديد، بحيث يكون هدفنا المحوري هو تحقيق المنفعة لشعوبنا، ) (كورونا هو تهديد يواجه كل قائد حول العالم و وعلى عكس التهديدات التي واجهها العالم سابقاً، نحن جميعاً نواجه اليوم هذا التهديد معاً،) بل ذهب ايضا الى اعطاء امثله واقعيه من الاردن السباقه بمثل هذه المبادرات بقوله مثل (مبادرة “اجتماعات العقبة” لتمكين جميع الشركاء من مكافحة التطرف والإرهاب )…

دعا جلالته الى ايجاد حلول غير تقليديه كاستراتيجيه مرنه قابله للتطبيق ومحدثه في مجال التكيف والاستجابة الفعاله للحوادث الطارئه تتجاوب مع التغيير في الاحتياجات المتجددة للعالم مع النظره الشموليه بتفهم احتياجات الجميع والتركيز على مبدا التحسين والتعلم المستمر للمنظمات والدول بل القاده بقوله ( وبمجرد ما بدأت أظنّ بأنني قد مررت بكل التجارب الممكنة ) و قوله (لنعترف في اعادة ضبط العولمة، بان بلدا واحدا بمفرده لا يمكن له ان ينجح لان اخفاق بلد واحد هو اخفاقنا جميعا) وطالب بسرعه التاقلم مع الاحداث الجديده غير التقليديه في كل النواحي والمستويات الاقتصاديه والاجتماعيه بقوله (لا يمكننا تجاهل ان هذا العدو العابر للحدود قد ظهر عندما دخل مصطلح تفكيك العولمة الى مجتمعنا) وركز كاستراتيجيه التعلم من التجارب التاريخية والحالية لباقي الدول ، بذكره احداث ارهابيه مختلفه في مقالته بقوله ( مما شكّل بداية لعصر جديد من جنون الإرهاب) بل ذهب الى التركيز على جميع الاحداث التاريخيه القصيره نسبيا ذات الاثر الكبير مثل الحوادث الارهابيه بقوله (الأزمات المالية والكوارث الطبيعية التي واجهناها أيضاً على مر السنين، لم تدم طويلاً بما فيه الكفاية لتدفعنا إلى إعادة التفكير بأنظمتنا الدولية بشكل جذري) …
———————–
يقدر جلالته محدوديه الموارد ويشير الى دور نقاط الضعف مثل الموارد الطبيعيه لكثير من الدول بقوله ( ان الموارد الطبيعية التي كنا نعتمد عليها لتحمينا لم تعد تكفي الآن ) وركز على نقاط القوه التكامليه في اداره الموارد وقدرات الدول والمنظمات لتعظيم الفائدة من الموارد المتاحة واستغلالها بالشكل الامثل من مجال الى آخرو شجع على تقديم البرامج والمبادرات الجديدة باقل الكلف بل دراسة الافكار وتحليل المشكلات بالنظر الى اسبابها مجتمعة لرؤية الاحداث المحيطة بصورة تبدو اكثر وضوحامن خلال قوله (الاستغلال الامثل للموارد وتبادل المعلومات وتحديد نقاط الضعف التي يجب معالجتها وتجنب الازدواجية في الجهود) والتي ربما تتطلب (إعادة هيكلة للمنظومات الحاليه وتوظيف اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟدﻳدة في صنع القرارات لتنفيذ الاستراتيجيات الجديده) حسب ما اسلف به.
لم يغب استغلال تطور التكنولوجيا العظيم وعن باله وطالب بتوفيرها وتوظيفها لتحسين وتطوير الخدمات المقدمة من خلال التنسيق والتفكير المنظم من خلال انشاء قنوات اتصال كافيه وذات جوده عاليه بين كافة المستويات في المجتمع والمؤسسات بقوله (يجب ان ينصب تركيزنا على ابتكار ما هو جديد وما هو افضل) وطالب جلالته بان نتوقف عن الامنيات وننطلق الى العمل الجاد بقوله ( وبينما يأمل الكثيرون أننا سنتمكن من إعادة بناء عالمنا بعد هذه الجائحة، فإن ذلك لن يكون كافياً ) وكذالك دعا الى توفير الموارد التكنولوجية اللازمة لتوظيف المعلومات الجديدة في صنع القرار، وتنسيق الجهود بشكل فعال بين المؤسسات في القطاعين العام والخاص، لتطوير الجهود الجماعية المشتركة التي ايضا تزيد من مرونة التنسيق بشكل عام من من اجل تحقيق الاهداف بقوله (علينا اطلاق وادامة منظمات جديدة تبنى على مهارات وموارد مختلف القطاعات عامه وخاصه وتعبر الحدود بين الدول)….
واخيرا ركز جلالته ان الهدف هو (علينا أن نوحّد هدفنا وتركيزنا لتصبح غايتنا بقاء وسلامة البشرية في كل مكان) برساله ساميه لكل البشريه………
هذه قرائتنا وهي فيض من غيض للرؤى الاسترتيجيه لسيد البلاد ….نفتخر بادراك سيدنا الاستراتيجي.

و نسال الله السلامه للقياده الهاشميه والاردنيون وحفظ الله الجميع
دكتور مهندس هشام المومني.
منسق برنامج اداره الازمات والكوارث / الجامعه الهاشميه

It’s time to return to globalization. But this time let’s do it right.
Abdullah II bin Al-Hussein is king of Jordan.
I can’t remember the precise context, but I was recently taken aback when an aide mentioned I had become the longest-serving Arab leader. The sheer pace and density of events in the past 21 years — wars, terrorist attacks, regional conflicts, waves of refugees, financial crises — had caused the years to blur together.
Just when I thought I could give myself permission to start saying I’d seen it all, along came the novel coronavirus.
I cannot recall a time when every leader on the planet had the exact same item at the top of his or her agenda. This captures how truly surreal this moment in history is. But common concern does not necessarily translate into coordinated action.
It has been reassuring to see the global medical community working to share information as doctors and researchers hunt for a cure. Yet there is no denying that this border-blind enemy appeared just when the term “de-globalization” was entering our lexicon — thanks to the rise of nationalism, protectionism and general skepticism about cross-border cooperation of all kinds.
Global Opinions writer Josh Rogin has obtained a 2018 U.S. diplomatic cable urging Washington to better support a Chinese lab researching bat coronaviruses. (Joshua Carroll, Kate Woodsome, Josh Rogin/The Washington Post)
Yes, we’ve seen moments in the past two decades when humanity rallied together in common grief, fear or outrage. We all distinctly recall that dark day when the planes struck the twin towers in New York, launching a new age of terrorist insanity. Many countries have their own experiences of trauma seared into their memories: hotels in Amman, an arena in Manchester, a girls’ school in Nigeria, a concert in Paris, mosques in New Zealand, churches in Sri Lanka, synagogues in the United States, and many others. No matter how far away each incident was, the grief always felt personal.
Yet the moments of unity inspired by these events — and the financial crises and natural disasters we’ve also faced over the years — have never lasted long enough to push us to fundamentally rethink the systems we have in place. More often than not, our responses have done little more than plug holes, falling far short of what could be achieved with modern technology.
Sign up for our Coronavirus Updates newsletter to track the outbreak. All stories linked in the newsletter are free to access.
In the Middle East, we realized that we had to take a different approach in the fight against terrorism. We knew that our only hope for defeating it depended on breaking down barriers — both among nations as well as among the institutions within them. Jordan understood the need for a joint platform to enhance coordination among regional and international stakeholders, and so we launched the Aqaba Process to enable all partners to counter extremism and terrorism by leveraging resources, sharing information, identifying gaps and avoiding redundancies.
Today, our world has decided to turn warning sign to siren. Unlike previous threats, this one is hitting us all, and all at once. This crisis has thrown a harsh light on the gaps in our global order — gaps caused by social injustice, income inequality, poverty and misgovernance.
[Full coverage of the coronavirus pandemic]
Many are optimistic we will simply rebuild after this pandemic. But rebuilding is not enough. We should focus instead on creating something new, something better.
Instead of “de-globalization” — as some are advocating — I see us all benefiting from a “re-globalization.” This time, though, we must concentrate on getting it right, aiming for a renewed integration of our world that centers on the well-being of its people. A re-globalization that strengthens and builds capacities within our countries and ushers in true cooperation rather than competition. A re-globalization that recognizes that a single country, acting alone, cannot succeed. One country’s failure is every country’s failure.
That means recalibrating our world and its systems. We need to reconfigure international institutions and build new ones where needed. We need to create and sustain new organizations that draw on the skills and resources of different sectors, across national boundaries. Jordan is ready to build on its experience with the Aqaba Process to help in any way it can. Threats do not come in silos, and the solutions cannot be in silos.
This rings especially true in my corner of the world. As Arab nations, we have no choice but to act together to mitigate the impact on us all. The natural resources we had relied on to shield us are no longer enough. We must set aside our differences and recognize that yesterday’s rivalries are meaningless against this shared threat. We need to leverage the strengths and resources of each of our countries to create a regional safety net that protects our collective future.
Unemployment, famine and poverty lie ahead if we do not act. We must address the global opportunity gap, including access to health care, and rethink the models and metrics employed by international financial agencies in emerging markets to better tell the whole story.
Covid-19 is a threat that confronts every leader. But if we wish to defeat it, we must do what seems counterintuitive: Put politics and popularity aside. We must also do the exact opposite of what the doctor ordered: Come together and get to work. To face this single threat, we must have singular focus — the survival and well-being of human lives everywhere.

مقالة لجلالة الملك عبد الله الثاني، تحت عنوان “حان الوقت للعودة إلى العولمة، ولكن لنطبقها بالشكل الصحيح هذه المرة:
لا أذكر السياق الذي قيل فيه ذلك بالضبط، ولكني فوجئت مؤخراً عندما ذكر لي أحد المسؤولين أنني أصبحت الأطول خدمة كقائد دولة عربي، فتسارعُ وتيرةِ الأحداث وكثرتها على مدار العقدين ونيف الماضيين، من حروب وهجمات إرهابية ونزاعات في المنطقة وموجات من اللجوء وأزمات مالية، جعلت الأعوام تتداخل ببعضها البعض.
وبمجرد ما بدأت أظنّ بأنني قد مررت بكل التجارب الممكنة، أقبل علينا فيروس كورونا المستجد.
لا أستطيع أن أتذكّر وقتاً سابقاً كانت فيه نفس القضية على رأس أولويات كل قائدٍ على هذا الكوكب، وهذه الحقيقة التي نعيشها تؤكد مدى غرابة هذه اللحظة في تاريخنا، ولكن الأولويات المشتركة لا تترجم دائماً إلى عمل مشترك.
من المُطمئن رؤية القطاع الطبي حول العالم يعمل على تبادل المعلومات، بينما يسعى الأطباء والباحثون للوصول إلى علاج، وعلى الرغم من ذلك، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن هذا العدو العابر للحدود ظهر عندما دخل مصطلح “تفكيك العولمة” إلى معجمنا، بفضل بروز القوميات الوطنية الضيقة، وسياسات الحماية الاقتصادية، وبث الشكوك والريبة حول التعاون العابر للحدود بجميع أشكاله.
بالفعل، شهدنا خلال العقدين الماضيين لحظات جمعت بين البشرية في حزن أو خوف أو غضب مشترك، فجميعنا يذكر بوضوح ذلك اليوم المظلم حين اصطدمت الطائرات ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، مما شكّل بداية لعصر جديد من جنون الإرهاب، ومرّت بلدان عديدة بتجاربها الخاصة مع الصدمات التي لا تُمحى من ذاكرتها بفعل الإرهاب، مثل تفجيرات الفنادق في عمان، والهجوم على قاعة احتفالات في مانشستر، أو مدرسة للفتيات في نيجيريا، أو حفل موسيقي في باريس، أو مساجد في نيوزيلندا، أو كنائس في سيريلانكا، أو معابد يهودية في الولايات المتحدة، وغيرها الكثير، وبغض النظر عن المسافات بين هذه الحوادث، كان الإحساس بالحزن على مستوى شخصي للجميع.
ومع ذلك، فإن لحظات الوحدة التي تبعت هذه الأحداث، كمثيلاتها التي تبعت الأزمات المالية والكوارث الطبيعية التي واجهناها أيضاً على مر السنين، لم تدم طويلاً بما فيه الكفاية لتدفعنا إلى إعادة التفكير بأنظمتنا الدولية بشكل جذري. وفي الكثير من الأحيان، كانت استجاباتنا تأتي على شكل حلول مؤقتة قصيرة المدى، لا ترقى للإمكانيات التي يمكن تحقيقها باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
وفي الشرق الأوسط، أدركنا أن علينا اتّباع نهجٍ مختلف في محاربة الإرهاب، وعرفنا أن أملنا الوحيد في هزيمته معلقٌ على إزالة الحواجز بين البلدان وبين المؤسسات داخل تلك البلدان، وقد أدرك الأردن الحاجة إلى منصة مشتركة لتعزيز التنسيق بين الشركاء الإقليميين والدوليين، لذا أطلقنا مبادرة “اجتماعات العقبة” لتمكين جميع الشركاء من مكافحة التطرف والإرهاب من خلال الاستغلال الأمثل للموارد، وتبادل المعلومات، وتحديد نقاط الضعف التي يجب معالجتها، وتجنب الازدواجية في الجهود.
أما اليوم، فقد قرر عالمنا أن يدقّ ناقوس الخطر، وعلى عكس التهديدات التي واجهها العالم سابقاً، نحن جميعاً نواجه اليوم هذا التهديد معاً، وفي آن واحد، فهذه الأزمة قد سلّطت الضوءَ على عيوب نظامنا العالمي، تلك العيوب التي نشأت نتيجة الظلم الاجتماعي، وتفاوت الدخل، والفقر، وسوء الحوكمة.
وبينما يأمل الكثيرون أننا سنتمكن من إعادة بناء عالمنا بعد هذه الجائحة، فإن ذلك لن يكون كافياً، إنما يجب أن ينصبّ تركيزنا على ابتكار ما هو جديد، وما هو أفضل.
فبدلاً من “تفكيك العولمة” الذي ينادي به البعض، أرى أن لدينا الكثير لنستفيده من “إعادة ضبط العولمة”، ولكن هذه المرة، علينا أن نركّز على تطبيقها على النحو الصحيح، لنصل إلى التكامل في عالمنا من جديد، بحيث يكون هدفنا المحوري هو تحقيق المنفعة لشعوبنا، وأن نسعى إلى إعادة ضبط العولمة لتعزيز وبناء القدرات في بلداننا، وللتعاون الحقيقي فيما بيننا، عوضاً عن التنافس، ولنعترف في إعادة ضبط العولمة بأن بلداً واحداً بمفرده، لا يُمكن له أن ينجحَ، لأن إخفاقَ بلدٍ واحد هو إخفاقُنا جميعاً.
هذا يعني إعادة ضبط عالمنا وأنظمته، علينا إعادة تشكيل المؤسسات الدولية وبناء مؤسسات جديدة أينما دعت الحاجة، علينا إطلاق وإدامة منظمات جديدة تبني على مهارات وموارد مختلف القطاعات وتعبر الحدود بين الدول، والأردن على أتم الاستعداد للبناء على تجربته في مبادرة “اجتماعات العقبة” للمساعدة في هذه الغاية كيفما استطاع، فالتهديدات لا تأتي فرادى، وعليه، فإن الحلول لا يمكن أن تكون كذلك.
وهذا ينطبق بشكل خاص على منطقتي، فإننا كبلدان عربية لا نملك خياراً سوى العمل معا للتخفيف من حدة أثر هذه الجائحة علينا جميعاً؛ إذ إنّ الموارد الطبيعية التي كنا نعتمد عليها لتحمينا، لم تعد تكفي الآن، علينا أن نضع خلافاتنا جانباً وأن ندرك أن خصومات الأمس لم تعد تعني شيئاً في مواجهة هذا التهديد المشترك، علينا أن نستغل مواطن قوتنا وموارد كل بلد لنشكّل شبكة أمان إقليمية تحمي مستقبلنا المشترك.
البطالةُ والمجاعةُ والفقرُ في انتظارنا إن لم نعمل معاً، ويتعين علينا أن نعالج فجوة الفرص العالمية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، وأن نعيدَ النظرَ في النماذج والمقاييس التي تستخدمها الهيئات المالية الدولية في الأسواق الناشئة لنتمكن من رواية القصة بأكملها على نحو أفضل.
فيروس كورونا هو تهديد يواجه كل قائد حول العالم، ولكن إذا أردنا التغلب عليه، فعلينا أن نقوم بما قد يتعارض مع ما اعتدنا عليه، علينا أن نضع السياسة والسعي إلى الشعبية جانباً، كما يتعين علينا أن نقوم بعكس ما أمرنا به الطبيب، علينا أن نتقارب وأن نعمل معاً، ولمواجهة هذا التهديد الأوحد، علينا أن نوحّد هدفنا وتركيزنا لتصبح غايتنا بقاء وسلامة البشرية في كل مكان

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى