أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

“كي لا ننسى “بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

كي لا ننسى
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

بشرى سليمان عربيات -المنتصف
بشرى سليمان عربيات -المنتصف

صحيفة المنتصف
لقد كشفت أزمة كورونا عن العديد من الثغرات والعيوب في التعليم الحكومي والخاص، ليس لأنها كانت أزمة غير عادية فقط، ولكن لأنها كانت سبباً في تعرية غطاء كبير من الفساد في قطاع التعليم، هذا الغطاء الذي كان يُظهر الصورة على غير حقيقتها من خلال صفحات الفيسبوك، ومن خلال المهرجانات المزيفة للمشهد ومن خلال المؤتمرات التربوية الإستعراضية، والتي لم يكن لها أثراً مباشراً على عملية التعليم.
لا أقصد في هذا المقال التعليم عن بُعد فقط، والذي لم يرقى لمستوى الطموح! بل إنه كان مجرد عملية ترقيع وتنفيع، ترقيع للعملية التعليمية بكوادر غالباً لم تكن من الميدان التربوي، ونعلمُ جميعاً أنه لا أحد منَّا يحب لبس ثوب مرقَع، نعم كان ترقيعاً للتعليم حين يقوم خمسة أساتذة – على سبيل المثال لا الحصر – بتدريس موضوع واحد في مبحث الفيزياء للصف الثاني عشر (توجيهي)، وبالتأكيد أن لكل شيخ طريقة – كما يقال -، فكيف يمكن للطالب على منصة درسك أن يتلقى الموضوع من عدد من الأساتذة بحيث لكل منهم أسلوب مختلف؟! وكيف يمكن لطلبة المرحلة الأساسية الدنيا والعليا متابعة تعليمهم عن بُعد؟ نعلم جميعاً أن هناك عدد لا بأس به من الطلبة يعانون من ضعف، ويلزمهم متابعة ” عن قرب”، ولذلك أقول أن ما قُدِّمَ من جهد كان أقل من متواضع.
هذا بالنسبة للقطاع الحكومي، أما القطاع الخاص فحدث ولا حرج عن آلية التدريس عن بعد لنسبة تتجاوز 85% من عدد المدارس الخاصة والتي كانت تستخدم الفيسبوك والواتس لتقديم المادة العلمية مكتوبة بخط اليد كما هي في الكتاب المدرسي، وكأن الطلبة لا يعرفون القراءة من الكتب!! أضف إلى ذلك ما قامت به تلك المدارس من عملية تقييم إلكتروني زائفة، مليئة بالأخطاء العلمية، مجردة من أدنى درجات اللغة! ويقولون نجحنا !!! كانت إمتحاناتهم لا تتجاوز العشر دقائق، كي يثبتوا للمجتمع أنهم بذلوا جهداً في تعليم أبنائنا الطلبة، ولكن الحقيقة تكمن في رغبتهم الجامحة في عدم إرجاع جزءاً من القسط المدرسي في هذه المرحلة الحرجة – والذي هو من حق الطالب-. ناهيك عن الظلم الذي تعرض له عدداً كبيراً من المعلمين والمعلمات نتيجة عدم دفع رواتبهم.
وكي لا ننسى عملية التنفيع بعد الترقيع، والتي كانت من نصيب عدداً من الشركات الخاصة، التي عرضت خدماتها على وزارة التربية والتعليم مستغلة عدم توفر إمكانيات لدى الوزارة من دروس مسجلة مسبقاً، وكان التركيز في البداية كما هو معتاد على التوجيهي، ونظراً للتوقعات بطول فترة الحظر، استدركوا المراحل الأخرى ، وتم إطلاق منصة أخرى. ويبقى السؤال، هل اقتنع كل مسؤول وكل تربوي بما تم تقديمه للطلبة؟ لنترك الحوارات التجميلية على الشاشات الفضائية وعبر أثير الإذاعات، والكلمات المصفوفة التي توحي بتحقيق معجزة في التعليم، ولكن هذا لم يحدث فعلياً على أرض الواقع، فقد تعرض للظلم عدداً كبيراً من أبنائنا الطلبة، وتستمر عملية الترقيع في امتحان الثانوية العامة القادم، ولكن ماذا عن إحدى عشرة سنة مضت لملايين الطلاب؟
لذلك علينا أن نقف مع أنفسنا وقفة حق، وضمير صاحي عندما نقيّم هذه التجربة، كي تكون درساً لنا، فمن لا يستفيد من الدروس لا يُعتبر متعلماً! وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في تراخيص عدداً كبيراً من المدارس الخاصة، وأن تراقب أدائهم عن كثب، ليس هذا فحسب بل عليها مراقبة استغلال بعض الشركات التي تعاونت معها في هذه الأزمة، نعم إستغلالهم للطلبة الذين حصلوا على بياناتهم خلال هذه الأزمة! إضافةً إلى إعداد كوادرها إعداداً يليق بالأردن.
والحديث يطول، ولكننا لن ننسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى