أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

الغموض سيد الموقف خطة الضم .. هل تلغى أم تؤجل ؟ المحامي راجح أبو عصب

الغموض سيد الموقف
خطة الضم….. هل تلغى أم تؤجل ؟
المحامي راجح أبو عصب

راجح ابو عصب
المنتصف / الكاتب المقدسي راجح ابو عصب

صحيفة المنتصف

لا يزال الغموض يكتنف موضوع خطة الضم التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس
وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو , والتي هي جزء من صفقة القرن , التي ادعى واضعها الرئيس ترامب
أنها تهدف إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي , ومن ثم الصراع العربي الاسرائيلي المستمر منذ
أكثر من قرن من الزمان , وإحلال السلام في المنطقة و وفق رؤية ترامب , مع أنها الحقيقة تنسف تماما فرص تحقيق سلام عادل وشامل يفتح صفحه جديدة في المنطقة , وبدلا من أن تنهي ذلك الصراع فإنه
تديمه وتزيده تعقيدا .
وهذا الغموض الذي يحيط بموعد تطبيق الخطة , بل وإلغاؤها , ناتج عن عدة مواقف وتصريحات لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار . حيث كان نتنياهو أعلن في أكثر من مناسبة , أنه سيطبق خطة الضم هذه في الأول من شهر تموز الجاري . ولكن لم يقم بتنفيذ هذه الخطة في هذا الموعد الذي حدده
وذلك لأسباب اسرائيليه محلية, ولأسباب اميركيه , وكذلك لأسباب إقليمية ودولية .
والذي زاد أمر تطبيق الخطة غموض , تصريح لرئيس الكنيست الأسبق , ابراهام بورغ قال فيه : إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب , هو من أوقف خطة الضم , لأن ذلك لم يعد مناسبا له الان . وأضاف في
تصريح لصحيفة ايطالية مساء يوم الجمعه قبل الماضية ” إن ترامب لم يعد لديه الوقت لمساعدة رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو , على إنقاذ نفسه بضم الضفه الغربية وغور الأردن .
وقال بورغ ايضا إن : ترامب ونتنياهو يتملكهما جنون النرجسية , وهما مستعدان للانقلاب على أي شخص لإنقاذ نفسيهما , والمحافظة على السلطة .
وقد أجاد بورغ في تحليل شخصية ترامب ونتنياهو , عندما قال : أنهما مصابان بجنون النرجسيه , أي حب الذات والإعجاب بها , وهما مستعدان لفعل أي شيء من أجل الشهره , وتعظيم نفسيهما , ولو كان
ذلك سيؤدي إلى نتائج كارثية .
وعندما يتحدث بورغ مفجرا مفاجأة مفادها :” أن ترامب هو من أوقف خطة الضم ” . فإنه لا يتحدث من فراغ , ولا عن عدم معرفة , فهو لا شك أن لديه اطلاعا واسعا على مجرى الأحداث في اسرائيل , وخاصة موضوع تطبيق خطة الضم هذه .
ومن منطلق جنون النرجسية , وحب الذات والشعور بالعظمة , لدى ترامب , فإنه أراد أن يظهر بمظهر رئيس أميركي من طراز فريد وغير مسبوق بين الرؤساء الأميركيين السابقين له , خاصه الرئيس السابق باراك اوباما , حيث قام بإلغاء كثير من القرارات والمواقف التي اتخذها اوباما , وخاصه قانون التأمين الصحي وكذلك معارضته للرؤساء الأميركيين السابقين في الموقف من اسلوب تحقيق السلام بين العرب والاسرائيليين , ففي أول لقاء له مع نتنياهو في البيت الابيض , عقب انتخابه رئيس للولايات المتحده
وذلك في السادس عشر من شهر شباط من عام 2016 , أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو , عقب ذلك اللقاء تخليه عن رؤية حل الدولتين : دولة فلسطينيه الى جانب دولة اسرائيل كسبيل وحيد لإنهاء الصراع , وانه يرضى بما يتفق عليه الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي كأسلوب لإنهاء الصراع , وهو يعلم أن نتنياهو يرفض تماما قيام دوله فلسطينيه مستقلة .
وفي ذات السياق فإن ترامب , قام في السادس من كانون الأول من عام 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل , وذلك تطبيق لقرار الكونجرس الاميركي في عام 1995 بالاعتراف بالقدس عاصمه لاسرائيل ودعوة الرئاسه الاميركيه لنقل السفارة من تل ابيب الى القدس , مع أن كل الرؤساء الأميركيين
الذين سبقوا رفضوا تطبيق قرار الكونجرس هذا .
وفي ذات السياق , فان نتنياهو من خلال جنون النرجسية والشعور بالعظمة ورغبته في تقليد أول رئيس وزراء لإسرائيل ومؤسس دولة اسرائيل دافيد بن غوريون , يريد أن يخلد اسمه في تاريخ الدولة
العبريه , كزعيم اسرائيلي قام بضم أجزاء واسعة من الضفه الغربية , وغور الاردن , وشمال البحر الميت , وهو ما لم يقدم عليه رؤساء حكومات اسرائيل السابقين , عقب سيطرة اسرائيل على الضفه
الغربيه في حرب الخامس من حزيران من عام 1967 .
ولا شك أن المعارضة القويه داخل اسرائيل , وحتى داخل حكومة نتنياهو الائتلافيه الحاليه هي التي أرغمته على عدم الضم في الاول من تموز الجاري , فقد حذر بيني غانتس , وزير الدفاع الاسرائيلي
يوم الأحد الماضي , خلال مقابله مع اذاعة ” كان ” العبرية من اتخاذ اي خطوات غير محسوبة قد تدفع اسرائيل ثمن نتائجها . وقال : إنه لا يوجد تاريخ مقدس لتطبيق خطة الضم وأن التاريخ الذي أعلن عنه
الاول من تموز قد مضى وانتهى ولا يوجد ارتباط به .
ومع أن غانتس أعلن تأييده لخطة الضم , إلا أنه أعلن أن ذلك يجب أن يتم من خلال الحوار مع دول الجوار , وكذلك مع الفلسطينيين , وهو يعلم أن دول الجوار وكذلك الفلسطينيين يرفضون بشدة خطة الضم وكذلك فإن وزير خارجية اسرائيل غابي أشكنازي يعارض خطة الضم , وقال أنه يؤيد خطوات من شأنها
أن تؤدي إلى الانفصال عن الفلسطينين , على أن يتم تنسيقها مع الإدارة الأميركية , بشكل كامل ومسؤول
إلى جانب الحوار مع دول الجوار بشأن ذلك .
وفي ذات الوقت فإن ترامب لم يعم لديه وقت للبحث في تطبيق خطة الضم , فهو يعاني من مشاكل داخلية خطيره , أساء معالجتها , ما جعله يفقد تأييد نسبه كبيرة من الأميركيين في إعادة انتخابه لفتره رئاسيه ثانية , خاصه طريقة معالجته لمشكلة المظاهرات التي تفجرت ضد العنصرية , في أعقاب مقتل المواطن الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد , وكذلك طريقة معالجته الخاطئه لإنتشار فيروس كورونا في
الولايات المتحده , ما جعل هذا الفيروس ينتشر بسرعه كبيرة ويحصد أرواح مئات الآلاف من الأميركيين
ويتجاوز عدد المصابين ثلاثة ملايين مصاب .
ترامب اليوم في شغل عن البحث في تطبيق خطة الضم , فهو منشغل بمحاولة تحسين وضعه داخليا , بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تقدم جو بايدن المرشح الرئاسي الديمقراطي عليه بنقاط كثيره . وقد نقلت صحيفة هارتس ” عن وزير من حزب الليكود شارك في جلسات ترأسها نتنياهو لقادة حزبه ” اليكود ”
تشديده على حقائق أميركيه تؤثر في القرار الاسرائيلي الخاص بالضم , أهمها انشغال ترامب بقضاياه
حيث لا يهتم اليوم باسرائيل , بل بفيروس كورونا ,والوضع الاقتصادي المتردي إضافة إلى مشاكل داخليه أخرى , هذا عدا عن اهتمامه الكبير بالانتخابات الرئاسيه القادمة .
كذلك فإن نتنياهو يواجه اليوم مشاكل داخليه عديده تفوق أهمية قضية الضم وتشغل بال الاسرائيليين أكثر وفي مقدمتها الموجه الثانية من إنتشار فيروس كورونا , والعدد الكبير من الإصابات اليوميه به , وكذلك مشكلة الائتلاف الحكومي مع حزب أزرق أبيض . وهذا عدا عن قضية ملف ايران النووي .
وهكذا يتضح أن هناك كثيرا من الصعوبات تواجه ترامب ونتنياهو في مواجهة قرار إعلان الضم صعوبات داخليه وخارجية معقدة , وتجعل الغموض سيد الموقف . والله الموفق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى