أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

تجارة وتعليم ( T&T Trading & Teaching ) بقلم : بشرى عربيات

تجارة وتعليم ( T&T Trading & Teaching )
بقلم المستشارة التربوية : بشرى سليمان عربيات

بشرى سليمان عربيات -المنتصف
بشرى سليمان عربيات -المنتصف

صحيفة المنتصف
تتنافس المدارس منذ سنوات في مجال التسهيلات والخدمات التي تقدمها للطلبة على حساب التعليم، فسارعت إلى توفير المسابح والملاعب والمطاعم داخل المدرسة، كي تقتصّ من أولياء الأمور أقساطاً خيالية، وفي المقابل تجد في معظم هذه المدارس خدمة التعليم المقدَّمة للطلبة شبه متواضعة، حيث لا تهتم بتجهيز المختبرات العلمية والمشاغل المهنية بنفس الدرجة التي تجهِّز فيها المسابح والملاعب، ولا يقوم معظم المعلمين في هذه المدارس بإجراء تجارب مخبرية تعمل على ترسيخ المفاهيم العلمية، بل يقتصر الأداء على التلقين وبذلك تكون معظم مخرجات التعليم على مبدأ ” حافظ مش فاهم “.
لستُ ضد المسابح والملاعب، فنحنُ لا ننكر دور الرياضة في بناء جسم وعقل الطالب ، فكما يقال : العقلُ السليم في الجسم السليم، ولكن أن يتم تقديم هذه التسهيلات من أجل رفع الأقساط فقط شيء مرفوض، ذلك لأن بإمكان ولي الأمر الذي يقصد القطاع الخاص للتعليم، يمكنه تسجيل أبنائه في نوادي رياضية. إضافة إلى أن هذه المدارس تعمل على تأجير المسابح والملاعب بعد انتهاء الدوام المدرسي بشكلٍ يومي، وفي العطل الرسمية أيضاً،من هنا نستنتج أن الهدف مادي بحت وليس لمصلحة الطلبة.
أضف إلى ذلك تهافت بعض المدارس على تدريس أكثر من لغة، الإنجليزية والفرنسية والصينية، ويكون هذا بالتأكيد على حساب اللغة العربية. لستُ ضد تعليم اللغات – بل بالعكس – ولكن المنطق يقول أن من الممكن أن يبدأ الطالب دراسة لغة ثالثة في مرحلة العاشر الأساسي، أي بعد إتقان العربية والإنجليزية، إن واقع حال هذه المدارس يشير إلى كل الخدمات لتبرير إرتفاع الأقساط، لكنهم لا يشيرون إلى جودة التعليم، وبالتالي يتحول الهدف من تعليم إلى تجارة !
ليس هذا فحسب، فقد تزايد عدد المدارس الخاصة التي يملكها أشخاص لا يقرؤون ولا يكتبون، ولكنهم أنشأوا هذه المدارس كاستثمار، هذه هي فئة أصحاب المصالح الخاصة الذين ساهموا بدفع عجلة التعليم إلى الخلف،وقد يكون لهم دور في إيقاف عجلة التعليم في قادم الأيام، إذ كيف يمكن أن تقنع هؤلاء بأهمية العلم والتعليم عن طريق التجربة والبحث العلمي، وهم لا يدركون معنى ذلك !
وقد سارع العديد من الناس إلى فتح ما يسمى بالمراكز الثقافية لاستقطاب الطلبة بعد الدوام المدرسي وأثناء العطل الفصلية، وأقنعوهم بأهمية الإلتحاق بالمركز من أجل الحصول على معدلات عالية في الثانوية العامة، ولكن الهدف الفعلي هو جلب المال وإثقال كاهل أولياء الأمور، لأن المعلم الذي يدرِّس داخل المدرسة هو نفس المعلم في المركز، فهل يتم تغيير الأسلوب؟ وإن كان كذلك من أجل الحصول على المال فهذه تجارة خاسرة لا ترضي رب العالمين.
ناهيك عن ذلك تفصيل الكتاب المدرسي إلى دوسيهات وبيعها للطلبة، وقد بدأت هذه الممارسات في المدارس الخاصة ولحقت بها المدارس الحكومية، ولكن الفرق في أن المدرسة الخاصة تتقاسم الأرباح مع الأساتذة ، بينما معلمي المدارس الحكومية يعملون لحسابهم الخاص، وربما لحساب المراكز التي يعملون بها، وهذه أيضاً تجارة خاسرة تعمل على تشتيت الطالب في الرجوع إلى أكثر من مصدر من أجل دراهم معدودة ! هؤلاء لا يعرفون للتعليم قيمة، وسيذكرهم الطلبة في المستقبل بأنهم تجار وليسو معلمين.
المؤسف في كل ما سبق غياب الدور الرقابي لوزارة التربية والتعليم على كل ما تم ذكره ، حيث أصبحت المدارس والمراكز تعمل في غياب الضمائر، وكذلك بعض المعلمين والمعلمات الذين عملوا على تجزئة الوحدة الواحدة إلى أكثر من دوسيه للبيع أكثر وجني المال، ولا توجد رقابة عليهم ولا على المدارس والمكتبات والمراكز التي يعرضون تجارتهم فيها، ويحسبون أنهم معلمون !!
وللحديث بقية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى