مقالات
وصايا “مكيافيلي” لأميرنا… بقلم أمينة جميلي
وصايا “مكيافيلي” لأميرنا
بقلم أمينة جميلي – الجزائر
صحيفة المنتصف
خاص المنتصف
من منّا لا يعرف الحكمة القائلة ” الغاية تبرّر الوسيلة”، من منّا لم يقرأ عن الفكر الميكيافيلي و لو لمحة بسيطة، نعم إنّه منطق الأنا الضّارب منذ صدور هذا الكتاب.. “الأمير”.
وجّه ميكيافيلي كتابه الأمير آنذاك إلى الأمير “لورنزو” الابن الأعظم “لبيرو دي ميديشي”، و ذلك ليثبت له ولاءه التّام و لأسرته الحاكمة، لكن ما لم يكن يعلمه “ميكيافيلي” حينها، هو أنّ هديّته المتواضعة لأميره المحبوب لم تتوقّف عنده أبدا، لم يدرك “ميكيافيلي” ربّما أثناء كتابته لذلك الكتاب في كوخه البسيط أنّه قدّم سلاحا فتّاكا بين تلك السّطور، لم يفكّر “ميكيافيلي” أنّ هبته لم تكن لأمير واحد فقط بل لأمراء غيره، الأمر الّذي جعلني للحظة أفكّر أنّ عدم ذكر اسم الأمير المقصود على واجهة الكتاب صدفة خارقة، فتلك الصّفحات القليلة كانت وسادة هتلر قبل النّوم، و غيره من طغاة العالم.
و رغم صدور قانون يمنع من نشر هذا الكتاب، إلّا أنّ فكره مازال ساري، و قد جاء دور القادة العرب في أخذ كلمات ذلك الكتاب كمصل يسيل في عروقهم.
أمراء عرب استفادوا من كتابه جعلوا من الشّرق الأوسط أوسخ، و من المغرب الكبير يغرق، أمراء غير الأمير المقصود.
وصايا “مكيافيلي” ما هي إلّا خبرة شخص سردها في بعض الصّفحات فعلت فعلتها في أمتّنا و في بلدنا،
رغم انّي اجهل إن سبق و أن قرأ امراؤنا هذا الكتاب، إلّا انّي أجزم بأنّهم طبّقوه بحذافيره، حيث كانت غايتهم السّلطة و الجبروت، و كانت وسيلتهم نهب الشّعوب و خرق العهود، و هي وصّية ميكيافيلي بالضّبط، الّذي لطالما كان حاضرا بعد موته في عديد المسرحيّات الانجليزيّة بشخصيّة الشّرّير، في حين أنّ هناك من ذهب إلى قبره و شكره على ما قدّم لهم من خلال ذلك الكتاب اللّعين، على غرار أحد الامراء الايطاليين الّذي كتب على ضريحه “نم في سلام، لا كلمات ترقى إلى شرف هذا الرّجل”، و أيضا المفكّر الإنجليزي “فرانسيس بيكون”، حيث قال “كم نحن مدينون لهذا الرّجل، فهو الّذي أرانا حقيقة عالم السّياسة، إذ علّمنا الفرق بين براءة الحمامة، و رياء الثّعبان على نعومة ملمس كليهما”.
فكم من امير في عالمنا العربي حفظ درس “ميكيافيلي”، و أخلف وعده مع شعبه، كم من أمير على ارضنا هدفه سرايا قصره لا شوارع مملكته، و كم من أمير في بلدنا اغتصب شرف امّته.
فعلا كان ميكيافيلي عرّابا لولّاة أمورنا و ملهمهم رغم غيابه عنهم و رغم عدم قراءتهم لكتابه و لوصاياه ربّما، و الّتي فحواها قواعد العمل السّياسي الّذي من شأنه الحفاظ على الحكم و السّلطان، رغم أنّ هدفه آنذاك هو توحيد إيطاليا.
فبعد أن كان “الأمير” ونيس “هتلر” و “نابليون الثّالث”، هاهو يعود من جديد ليؤنس حكام العرب و حاشيتهم، في ليالي الحرب ضدّ بلادهم و رعاياهم.