رداً على تصريح السفير فريدمان خطة الضم يجب إلغاؤها لا تعليقها ..بقلم المحامي راجح أبو عصب
رداً على تصريح السفير فريدمان
خطة الضم يجب إلغاؤها لا تعليقها ..بقلم
المحامي راجح أبو عصب
صحيفة المنتصف
عندما تقرأ تصريحات ديفيد فريدمان حول القضيه الفلسطينيه, فإنك تتسائل : هل هو سفير الولايات المتحده لدى اسرائيل, أم هو سفير اسرائيل لدى الولايات المتحده . ذلك أن تصريحاته في هذا المجال
تنسجم تماما مع مواقف اليمين الاسرائيلي ,الذي يرفض الاعتراف بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني
إذ أنه يرفض فكرة حل الدولتين : دوله فلسطينيه مستقله قابله للحياة في الضفه الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشرقية, وفق حدود الرابع من حزيران من عام 1967 ,كما أنه يرفض تماما فكرة وقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينيه, الذي وفق قرارات الشرعيه الدوليه غير شرعي بكافة أشكاله وألوانه
خاصه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الصادر في 23 كانون الأول من عام 2016 .
فقد أكد القرار 2334 عدم شرعية إنشاء اسرائيل للمستوطنات في الاراضي الفلسطينيه ,بما فيها القدس الشرقيه ,واعتبر إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي , وعقبه كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل . كما طالب بوقف فوري لكل الأنشطه الاستيطانية على الاراضي الفلسطينيه, وأوضح أن أي تغيرات على حدود العام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين .
وقد صدر القرار بأغلبية 14 صوتا من أصل 15 صوتا ,حيث امتنعت الولايات المتحده عن التصويت, واصرت إدارة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما على عدم استخدام حق النقض “فيتو” ضد القرار .
ورغم إجماع العالم كله تقريبا,عدا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واسرائيل ,على ان الاستيطان غير شرعي ,فإن سفير الولايات المتحده لدى اسرائيل ديفيد فريدمان يعتبر الاستيطان شرعي , وذلك انسجاما مع موقف الرئيس ترامب الذي خرج على الموقف الأميركي من الاستيطان والقائم على أن الاستيطان عقبة في طريق تحقيق السلام . بل إن فريدمان يقيم في احدى مستوطنات الضفه الغربية
ويطلق على الضفه الغربيه الاسم التوراتي :”يهودا والسامرة” .
وبين الفينة والاخرى يخرج فريدمان بتصريحات يكرر فيها موقف الادارة الأميركية المعادية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة . فقد أدلى يوم الجمعه ,قبل الماضيه بتصريح لصحيفة
” مكور ريشون” الناطقه باسم المستوطنين ,قال عن خطة ضم 30% من أراضي الضفة الغربيه وغور الأردن وشمال البحر الميت :” إن المصطلح الصحيح لما جرى لخطة الضم هو التعليق بمعنى أنه علق لفترة زمنيه فقط ,وسيعود في المستقبل البعيد جداً” وأضاف قائلا ” تطبيق السيادة الاسرائيليه لن يحدث
في المستقبل القريب ,ثم تاجيله لمدة عام ,ربما عامين, ربما أكثر لا أعرف متى سيحدث ” .
فهو يؤكد أن قرار الضم لم يلغ وانما علق مؤقتا ,وسيعود , وإن كان ليس في وقت قريب “.
وقال فريدمان : ” تطبيق السيادة سيتم عندما تتوصل اسرائيل والولايات المتحده إلى قرار مشترك
بشأنه”.وهو بذلك يتجاهل وجود شعب على أرضه ,اسمه الشعب الفلسطيني ,ويؤكد أن قرار الضم وفرض السيادة على الاراضي الفلسطينيه التي يشملها قرار الضم ,إنما سيتم عندما تتوصل اسرائيل والولايات المتحده الى قرار بشأنه . وهكذا فإن فريدمان ينتهك كل قرارات الشرعية الدوليه ,التي ترفض ضم أراضي الغير بالقوة , وترفض تغير الوضع القانوني والديمغرافي في تلك الأراضي . وهو بذلك أيضا يقضي على أية فرصه لتحقيق سلام عادل وشامل , ينهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المستمر منذ
أكثرمن سبعة عقود .
وتابع فريدمان في تصريحه لصحيفة “مكور ريشون” الاستيطانية يقول :”لقد خلقنا تغيراً كبيرا وفرصه عظيمه ,لأولئك الذين يؤمنون بالسيادة الاسرائيليه في “يهودا والسامرة” وهي التسميه الاسرائيليه للضفة الغربية . وهو يشير الى سياسة فرض الأمر الواقع ,التي تنفذها اسرائيل في الأراضي الفلسطينيه
في مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينيه, وزرعها بالمستوطنات, وكذلك توسيع المستوطنات القائمه وسياسة الأمر الواقع هذه لن تؤدي إلى انهاء الصراع ولا إلى تحقيق سلام عادل وشامل بل هي وصفه
لاستمرار الصراع لسنوات طويله قادمة . وهو كذلك يتجاهل الرفض الفلسطيني القاطع لسياسات الضم والاستيطان ,كما يتجاهل حقيقة أن ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعه سيفشل كل المحاولات الراميه إلى سلبه حقوقه تلك ,والتي يعترف بها العالم بأسره .
إن سياسات الضم والاستيطان إنما تؤدي إلى شطب حل الدولتين, وجعل البديل حل الدوله الواحدة ثنائية القوميه, وهو ما يحذر كثير من كبار القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين الاسرائيليين ,الذين يرون حل الدولة الواحدة سيحول اسرائيل الى دولية عنصريه, على غرار ما كانت دوله جنوب إفريقيا في السابق ,وعلى المدى القريب سيصبح العرب أكثرية في تلك الدوله ,حتى أن ترامب نفسه أعلن مره ان
اسرائيل سيكون رئيسها في المستقبل اسمه محمد !! وذكرت ذلك القناة العاشرة الاسرائيليه ,أن تصريح ترامب هذا جاء خلال لقائه العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في واشنطن في 25 حزيران من عام 2018 . وذكرت القناه الاسرائيليه : أن مصدرا اسرائيليا رفيع المستوى ومسؤولا أميركيا سابقا أكدا صحة هذه الاقوال التي أدلى بها ترامب . وذكرت القناة العاشره : أن العاهل الاردني نقل هذا الكلام لوزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان حين استضافه في عمان في الثاني من شهر آب من عام 2018 .
وقول ترامب هذا للعاهل الاردني يدل على التناقض في مواقف ترامب ,إذ أنه رغم ذلك , فإن أيد شطب حل الدولتين ,واعترف بضم اسرائيل للقدس الشرقيه ,ونقل سفارته من تل ابيب الى القدس ,وأعلن موافقته على خطة الضم !! تلك الخطه التي من شأنها تغيير الطابع اليهودي للدوله العبريه .
وأضاف فريدمان في تصريحه لصحيفة “مكور ريشون” : لقد اقترحنا خطة صفقة القرن ,والتي بموجبها لن تضطر أية بلدة اسرائيليه في “يهودا والسامرة” إلى إخلاء منازلها , وقال في تحد لمشاعر الشعب الفلسطيني :” الواقع اليوم ,أن العلم الاسرائيلي يرفرف فوق الخليل وغوش عتصيون ومعاليه أدوميم وبيت إيل ,وبحسب خطتنا فإن هذه الاعلام ستبقى هناك إلى الأبد !! وإذا كانت تلك الاعلام ترفرف فوق الخليل وتلك المستوطنات ,فإنها في الحقيقه لن تجعل أعلام السلام العادل والشامل ترفرف في المنطقه, وسيبقى الصراع مستمرا ,ولكن ذلك لن يثني الشعب الفلسطيني عن الاستمرار في سعيه لنيل حقوقه المشروعه وإقامة دولته المستقلة , من خلال الوسائل السلمية البعيدة كل البعد عن العنف !!
والله الموفق