“مخرجات التعليمِ عن بُعد” بقلم بشرى عربيات
“مخرجات التعليمِ عن بُعد”
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
في كل عملية تحدث، لا بد من وجود مقدمات ونتائج، ولعل من أهم العمليات التي تحتاج إلى رصد ومتابعة هي العملية التعليمية، وبما أن التعليم يمرُّ حالياً في أزمةٍ حقيقية نتيجة ما يصدر من قراراتٍ بحق التعليم وبحق الطلبة، فلا بد لنا من الوقوف على نتائج ومخرجات ما يسمى بالتعليم عن بعد، هذا التعليم الذي لم يوفر للطلبة سوى بُعداً واحداً ألا وهو البعد عن التعليم بكل ما تعني هذه العبارة من معنى.
عند استخدام جهاز الحاسوب، يقوم الشخص بإدخال بياناتٍ ومعلومات معينة، وتتم هناك أكثر من عملية داخل الجهاز وهو ما يسمى باللغة الإنجليزية Processing ومن ثَمَّ تظهر النتائج على شاشة الحاسوب، بمعنى أنه لا يكفي وجود عملية إدخال للبيانات، وكذلك التعليم، ذلك لأن التعليم يحتاج إلى تفاعل بين المعلمين والطلبة، كي تكون هناك مخرجات منطقية للعملية،بحيث يمكن تقييمها، والوقوف على نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة،وهذا ما لم ولن يحدث عندما يتم تقديم خدمة التعليم من خلال تسجيلات بالصوت والصورة.
لذلك – وبعد مرور أشهر على التعليم عن بعد –لاحظنا كتربويين وجود مخرجات لهذه العملية لا ترقى بالتعليم كرسالة، إضافة إلى أنها ظلمت معظم الطلبة في جميع المراحل الدراسية، إذ ربما كانت خطوة لا بد منها، وربما كانت في مرحلةٍ ما الحل الوحيد، لكنها بدون شك ليست الحل الأمثل، إضافةً إلى الخلل الكبير الي رافق هذه العملية حتى الآن، ولم يتم إصلاح هذا الخلل.
هناك مخرجات للتعليم عن بعد بدأت تطفو على السطح، ولعل من أهمها عمالة الأطفال واليافعين تحت سن الثامنة عشرة، إذ أن من لا يمتلك جهاز تلفزيون أو أجهزة ذكية وحزم إنترنت، قد يئس من محاولة متابعة الدراسة عن بعد، وبالتالي كان الحل هو الخروج للعمل للحصول على مصروفه الشخصيّ على أقل تقدير، وما زالت وزارة التربية والتعليم تعلن عن نجاحاتها، على الرغم من أنها في الحقيقة فشلٌ ذريع! ولا تريد وزارة التربية والتعليم الإعتراف بالخطأ بحق الطلبة وبحق التعليم، مع أنها تعرف تمام المعرفة أن إمكانيات التعلُّم عن بعد ليست متوفرة للجميع.
ومن مخرجات التعليم عن بعد، لجوء بعض البسطاء من الناس إلى وأد الفتيات القاصرات عن طريق الزواج، وذلك لأن مبرر أن تكمل الفتاة تعليمها لم يعد موجوداً، ونظراً لتردّي الأحوال المعيشية لدى الكثير من الناس كان هذا أحد الحلول للتخلص من الإنفاق على هؤلاء الفتيات، وأنا أعتبر أن هذه سقطةٌ كبيرةٌ من وزارة التربية والتعليم التي لم تحفظ للطلبة حقهم المشروع في التعليم، فدفعت بهم إلى العمل أو إلى الزواج القسري، إضافةً إلى تجهيلهم، ومنعهم من أبسط الحقوق، ألا وهو التعليم داخل الحرم المدرسي.
لقد آن الأوان أن نقولَ لكم يا وزارة التربية والتعليم، كفى، نعم كفى عبتاً بمستقبل جيلٍ كاملٍ، وكفى تعذُّراً بحرصكم على صحة الطلبة، لأنهم ليسو معزولين عن المجتمع، ولأن أولياء أمورهم أكثرُ حرصاً عليهم، وتذكروا دائماً أن المقدمات الصحيحة تؤدي إلى نتائجَ صحيحة.