من ذاكرة الاذاعة الإردنية…بقلم سالم كايد العبادي
صحيفة المنتصف
… الشرطة في خدمة الشعب.
انا والفريق انور محمد.
في منتصف السبعينات عندما كنت اعمل مذيعا في الاذاعة الاردنية، تم تكليفي باعداد وتقديم برنامج الشرطة في خدمة الشعب، الذي قدمه قبلي لمدة عام كامل الاستاذ سحوم المومني الله يرحمه… كان سروري عظيما بهذا التكليف لان هذا البرنامج يتيح لي ان اتنقل بين مراكز ومعاهد الشرطة في كل انحاء الاردن.
في احدى جولاتي قصدتُ ان اغطي واجبات الشرطةً في خدمة قوافل الحجاج والتي تعبر البلاد من سوريا ولبنان وتركيا والعراق… اجريتُ اولى المقابلات في مدينة المفرق مع الرائد عبد الرحمن العدوان، قائد شرطة البادية في المنطقة الشمالية ” حاليا فريق متقاعد وعضو في مجلس الاعيان”. … ابرق القائد الى كافة مراكز الشرطة بتسهيل مهمتي … التقيت حجاجا في الاجفور ( الرويشد حالياً ) وفي مخفر الريشة عند ملتقى نقطة الحدود الاردنية العراقية السورية … اقصى شمال الاردن،وفي الاجفايف ( الصفاوي حاليا )… واخيرا على الطريق بين المفرق والرمثا… سجلت اتصالات بين دوريات الشرطة عن احوال قوافل الحجاج في البادية الشمالية.
بعد اذاعة البرنامج اخبرتني الاذاعة ان مدير الامن العام الفريق انور محمد، طلبني الى مكتبه… سالت النقيب احمد عويدي العبادي ( حاليا عقيد متقاعد ، نائب سابق، استاذ جامعي ) الذي كان ضابط ارتباط مع الاذاعة اجابني انه لا يعرف… كان الخوف يعتريني لان اتصال الاجهزة الامنية مع اي موظف تعني ان عليه قضية امنية… واخيرا اتصلت مع مكتب مدير الامن العام الذي افاد بانه لا يعرف سبب الاستدعاء وطلب مني الحضور… وهذا ما حصل… وبينما كنت انتظر في مكتب السكرتير فتح الباشا باب مكتبه … اهلا اخ سالم….
قال لي لقد استمعت الى برنامج الشرطة في خدمة الشعب، واستمعت لاول مرة في حياتي الى مقابلات في مخافر نائية، ومخاطبات بين دوريات الشرطة ومع الحجاج الذين كانوا راضين عن اداء الشرطة… ولذلك استدعيتك لاقدم لك شكر جهاز الامن على جُرأتك وتعبك وجهدك الصادق لخدمتنا… وقررت ان اصرف لك خمسين دينارا ( ثلاثة اضعاف راتبي آنذاك ) وعندما حاولت عدم اخذ المبلغ ، قال لي هذا من مال الامن العام وليس مني ، وطلب مني التوقيع على وصل باستلام المبلغ…..
هذا صحيح انني كنت اتعب كثيرا في عمل هذا البرنامج لكنني كنت سعيدا ان اتلقى هذا التكريم من شخصية بهذا الوزن… انا الابن البار للاردن ولا اعتبر المكافآت المالية مهما كبرت او صغرت شيئا عظيما، لانها تسقط عندما ارى الجندي الاردني يدفع روحه ودمه على الحدود دفاعا عن وطنه… كم هي المكافأة المالية التي تليق بانسان يدفع دمه ثمناً للوطن؟؟؟؟!!!
بقلم سالم كايد العبادي
