“فيروس إسمه الجهل “بقلم بشرى عربيات
فيروس إسمه الجهل
بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات
صحيفة المنتصف
يتعرضُ المجتمع بشكلٍ عام إلى أخطار الفيروسات التي يترتبُ عليها عدداً من الآثار السلبية، والأعراض الجانبية، الأمرُ الذي يتطلب تضافر جهود كافة المؤسسات المجتمعية، سواءً كانت حكومية أو خاصة، وسواء كانت على المستوى الفرديّ أو المجتمعي، وبالتالي، إن لم تتضافر جميع الجهود فإن عمق وأثر هذه الفيروسات يزداد، حتى يصل إلى درجة من الصعب التحكم في انتشارها.
لذلك أستغرب من عدم الإلتفات إلى فيروس خطير يفتك بالمجتمع منذ أشهر، ألا وهو فيروس الجهل، هذا الفيروس من نوعٍ آخر، يتكاثر داخل وخارج جسم الكائن الحيّ، ولا يتأثر بالبيئة المحيطة، بل بالعكس، هذا الفيروس يعمل على الإنتشار والتفشي بشكلٍ مرعب!! والأغرب هو عدم إهتمام المسؤولين عن التربية والتعليم في الحدّ من انتشار هذا الفيروس، بل على العكس، لقد ساهمت وبشكلٍ غريب في انتشار هذا الفيروس بين فئات الطلبة المختلفة، وقامت بترضيتهم من خلال تقييماتٍ إلكترونيةٍ زائفة، وهي تعلمُ تماماً أن نتائج تلك التقييمات ليست حقيقية.
الجهل، نعم إنه فيروس فتّاك، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ذلك لأن آثاره لا تنعكس على الفرد فقط، بل إنها تنعكسُ على المجتمع بأكمله، فالجاهل عدوٌّ لنفسه قبلَ أن يكونَ عدوّاً للآخرين. وفي حالة تفشي فيروس الجهل، لا يمكن للمجتمع أن يأمنَ الأخطار الناتجة عن هؤلاء الجَهَلة.
لقد رافق عملية البعد عن التعليم إنتشاراً واسعاً لفيروس الجهل، والذي سيكون سبباً في جائحةٍ مجتمعية – لا قدَّرَ الله -، في حال عدم التنبُّه لذلك قبل فوات الأوان. إن تعليق دوام المدارس بحجة الحفاظ على صحة الطلبة،لم يعد سبباً مقنعاً لغالبية الناس من مختلف شرائح المجتمع، ذلك لأن الطلبة ليسو معزولين عن المجتمع، وبالتالي فهم يتعرضون يومياً إلى أخطارِ الجهل وأخطار الشوارع، ناهيك عن أخطارٍ مجتمعيةٍ أخرى تحدِّقُ بهم من خلال التعرض لأفكارٍ متطرفة منحرفة، لا ينفعُ معها حجرٌ ولا لقاح.
ومن الملفت للإنتباه، إصرار وزارة التربية والتعليم على نجاح عملية التعلُّم عن بعد، ولم تلتفت بعد إلى نجاح عملية التسرب عن بعد، ولا إلى عملية التجهيل عن قصد،حتى ولو كان التعليم عن بعد،لأننا نعلمُ جميعاً أن هذه العملية لم تحقق النجاح الباهر، والذي تصرُّ عليه وزارة التربية والتعليم.
أتفهَّم عملية إنتشار فيروس لا يُرى بالعين المجردة، ولا يكون فعَّالاً إلا داخل جسم الكائن الحيّ، لكنه من الصعب أن أستوعب انتشار فيروس الجهل وبرعايةٍ من جسم التربية والتعليم، بحجة المحافظة على صحة الطلبة، لقد أصبحت هذه حجةً واهيةً ضعيفةً، لا تقنع الصغير قبل الكبير وتحتاج إلى وقفة تفكير، فهل يُعقل أن يبحثَ أي إنسان عن فيروسات ليدخلها إلى جسمه، لتعمل على تدميره؟ لا أعتقد أن أيَّ شخصٍ عاقل يفعلُ هذا بنفسه! فكيف يمكنه أن يفعلَ ذلك بجيلٍ كاملٍ، بل بأجيالٍ متلاحقة!
لقد آن الأوان أن نقولَ لكم يا وزارة التربية والتعليم، كفى، نعم كفى عبثاً بمستقبل هذا الجيل، وكفى تجهيلاً لهم، لأنكم حتى اللحظة لم تفعلوا شيئاً لحمايتهم فعلياً، بل تنصَّلتم من مسؤولية تعليمهم وتوعيتهم داخل الحرم المدرسي، الذي هو أكثرُ أمناً لهم من الجهل والتجهيل.