أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
الأردنمقالات

أزمتُنا في نُخَب تُستَجْحَشُ وشعب يُستَحمَرُ…بقلم فؤاد البطاينه

يكفينا دجلاً ويكفيهم خيانة.. الأردن طُعْمٌ وفلسطينُ السمكة والجاني حليف.. والأمل لا يخرج إلا من تُرْبَة الحقيقة بإي منطق نستقبل قواعد العدو العسكرية النازحة

الكاتب الأردني فؤاد البطاينه/المنتصف
الكاتب الأردني فؤاد البطاينه/المنتصف

صحيفة المنتصف

سِيرَة من التناقض استقرت كجزء من السياسة الداخلية الرسمية في الأردن. فلقد دأب الذين يُطرَحُون علينا كمسئولين على القول بما يتناقض مع ما يُنجَزِ على الأرض، يرافقه تناقض بين ما يقولُه النظام في العَلن وبين ما يفعلُه هؤلأء المسؤولون. فهل هذا نوع من تبادل الأدوار وبأن المطلوب هو تعايش الاردنيين مع هذا الوضع وبالتالي هناك طبخة تُقدم للصهيونية مكونها الأردن والأردنيون؟ أم أن هناك شرخاً وانفصاماً بين النظام والمسؤولين وأنهم مفروضون عليه وأن النظام بالتالي في أزمة حُكم وسياسة ويُرسل رسائل للأردنيين؟ وهل هذه الرسائل اعتذارية يوَدع بها شعبه أم رسائل استنجاديةً للإنقلاب على الواقع؟ وهل أزمته منبعها خارجي أم داخلي.

مَن يرى بأن هذا افتراض بُنِيَت عليه تساؤلات،أو كان يعتقد بأن النظام هو اليوم في وضع بحجم ما يمنحه له الدستور، وبحجم ما اعتدنا عليه خلال عقود من استئثار النظام بالسلطة وإنفاذ رؤيته وأوامره، فَعَليهِ أن يُعَلِّل حالةً يتعايش فيها مع الوضع المتدهور عندما يأخذ شكل المسار، ويتّخذُ بديلاً عن الفعل والتصويب خطابَ المعارضين والشعب، يتَّهمُ فيه مأموريه بالتقصير والفشل وبالعمل ضد ما يرجوه من إصلاح وأن يُفسر لنا كيف تُنَفَّذ بأرضنا إرادة ومصالح اسرائيل والغرب مع رفض كل الشعب، وبأي منطق سنستقبل نزوح القواعد العسكرية المعادية التي ستجعل من الأردن ساحة اقتتال ومن الجيش محلولاً أو رديفاً للقواعد، ومن النظام مُنتظِراً لمصيره والأردنيين من تحت الدلف لتحت المزراب. أبهذا تكون نصْرة الأردن وفلسطين؟

الصورة الرقمية لاقتصادِ ومالِ وإدارةِ أي دولة كي تبقى دولةً لم تَعُد موجودة في الأردن. إلا أن المعسكر الصهيو \ أمريكي الحليف التاريخي المستهدِف للأردن هو من يقوم مرحليا بمُهمَّة التغطية على وضعه الذي جَرّوهُ إليه، وبإبرازه بصورة كدولة مستقرة تتعامل مع العالم والعالم يتعامل معها، بينما يسيرون بها إلى مستعمره غير معلنَه في قالب دولة لا أردنية ولا فلسطينية ولكن ملحقة مع الضفة بإسرائيل الكيان المحتل. ومن الصعب القول بأن النظام لا يعلم الحقيقة والخيارات الماثلة أمامه، ومع ذلك فإنه حسب الصورة التي أمامنا يتعايش مع الوضع كمسير أعمال لجانب رئيس حكومة مُعار لنا، وكأنه اتخذ قراراً فحواه if you can’t beat them join them.. (إذا لم تَستطِعْ عليهم، إلتحِق بهم ). إنها السياسة سياستنا، التي مهدت طريق الصهيونية لغزو فلسطين، والتي ضَميْنا فيها الضفة رغماً عن إرادة مناضليها والعرب، وفقدناها ثم سلَّمناها قبل أن نستعيدها ثم رَفعنا أيدينا عنها وعن شعبها بقرار إداري. والمَسيرة تُستأنف اليوم بالأردن وفيه.

لا أحد يَضَع الحقيقة أمام المواطن الأردني أو يبحث عنها أو بها بصوت عال. والكل من غير المسئولين يبحث ويطالب بحلول بمنأى عن العقدة ومكانِها، وأصبحَتْ معها المشاكلُ المعيشية للمواطن العادي ومصالح النخبة الشخصية ( وكلها مبرمجة ) أهم من مصير الأردن أو فلسطبن. وما زال الأردنيون يواجهون الحالة بالقَدَرِية، ويضعون بيضهم كله في سلة النظام. فالجميع في الأردن يتخلصون من مسئوليتهم بتعليقها على شماعتِه. العامة بحجة أن النظام قادر على توفير ما يريدون وأن رفع السقف سيستفزه ليفعل. أما الخاصة فبالإصرار على مطالبته بإجراء الإصلاحات المطلوبة وهم يعرفون أن الظرف الذي يعيشه النظام والنهج السياسي الذي يتمسك به لا يمكن أن يُشكل بيئة للإصلاح، بل بيئة للتدهور. ولا تزيد النخب الوطنية وأحزابها عن العامة إلا باستنساخ عمل حكامهم الورقي والخطابي بسقوف هابطه في صالونات عالية، خالية من دسم الحقيقة وأقرب للمشاغله ورفع العتب.

وما زال يَطيب للنظام أن يَعتقد بأن الأردنيين لم تتطور مفاهيمُهم ويتمسك بانطباعات نمطيه stereotype عنهم وأخرى صُنِعَت لهم. وينطلقُ في خطابه وسلوكِه مع عامة الشعب في كثير من الحالات كأنه شعب قاصر السِّن والإدراك حين ينضم إليهم في عدم الرضى والشكوى من تقصير الحكومات ودوائر الدولة دون اعتبار لسلطته عليها أو النظر إلى واقعها كعصابة تتآلف على الفساد والخداع وافتراس الوطن والمواطن والإدارة ولفْظِ مَن ليس منهم بقلمه، ودون اعتبار لقمع الأجهزة ولا لتطوّر وظيفتها الأمنية إلى وظيفة الإفساد الإجتماعي والدسيسة لبث الفُرقة بين افرادِ ومكوناتِ الشعب، وصُنْع ” الَّلهايات الإجتماعية ” عن ما يجري.

عندما يكون الوطن ودولتُه وشعبُه في خطر تُصبح المجاملات شداً عكسياً يلامس الخيانة، وعندما نَستمر بجلسات التشخيص والتشريح للحالة الأردنية والفلسطينية دون التوقف عند نقطة والانتقال منها لدائرة الفعل السياسي فإنما نُسَخرُ بهذا عجزَنا ورياءَنا لتشجيع وتسهيل مهمة من يُخطط لهلاكنا على الاسترخاء والمُضي قُدُماً. ليس الهدف أمام وطن يحترق أن نحاكِم جهة بتهمة أو نُبرئ أخرى، بل أن نقف على الحقيقة مهما كانت محبطة لأن الأمل لا يُبنى إلا من تُربتِها، ولا يَنطلق عمل باتجاه التصويب أو التغيير إلا منها. حُكْمُ الملك ومؤسسة العرش ليس محل خلاف على الساحة الأردنية، كفاكم أنتم “الملكيين أكثر من الملك ” عهرا يُسعفكم ولا يسعف الملكَ والوطنَ ولا القضية بل يورط الجميع،. وكفانا نحن المدعين للوطنية نفاقاً وعنصَرة في الخطاب وفي اللمَّات، وهروبا عند الإختبار.

وبين هلالين أقول من خبرتي، أن شريحة ( الملكيين أكثر من الملك ) نَتَجت عن جهل المسئولين الأردنيين بالسياسة الخارجية الاردنية وتطورها المحتكرة للنظام واستثمارهم الفاسد لصداقتة للغرب واسرائيل، فأصبحوا يتسابقون ويتمادون في الخيانة غير المطلوبة منهم تقرباً من النظام، فيسيئون في سلوكهم إليه وللأردن وللقضية الفلسطينية في أي موقع يكونون فيه تبرعاً، هؤلاء أدوات تدمير للأردن وخونة للقضية الفلسطينية، التقطت الصهيونية بعضهم، وليس في عقولهم سوى العبودية لمصالحهم بشتى انواع الفساد وهذه هي طبيعة علاقتهم بالملك. وعلينا أن نعزلهم ونتجاوزهم.

يا صاحب القرار ليس في هذا الشعب من لا يَعلم أن الدولةَ والسلطةَ والأرضَ في أزمة دفاع عن النفس أمام هجمة من حلفائك وحلفاء حلفائك والقادم علينا منهم أسوأ، وليس فيه من هو راض أو مقتنع بإدارة الدولة وبمستشاريك. وإعلامنا الرسمي والمستأجر يثير الغثيان بخطابه وبحربِه على الحقيقة وعلى عقول الناس، وليس مِن مرفق في الدولة إلَّا ويُصنَعُ مُوازيٌ له أسوأ، وليس من حبل عاد متاحا للرقص عليه. وهناك من الدلائل الدامغة على أنك وأنَّنا في أزمة داخلية منبعها خارجي. وصداقة العدو أخطر بكثير من معاداته.

يا صاحبَ القرار أنت المسئول الدستوري، والمنطقة تمر في مرحلة تخلو من الرحمة ومن أيّ سقف للإستهداف، والتماهي معنا بالرؤية لا يكفي منك كصاحب قرار. فإن كنتَ جاداً في إيحاءاتك للشعب أو في ما تقوله، وقارئاً للمرحلة ورافضاً للنتائج، تَقَدم خطوة واحدة وسترى الأمور مختلفة ً. وإن كنت في شك من أمرك أو أمرِنا إجلس مع محاورين سياسيين ناضجين من أبناء هذا الوطن من خارج العلبة التي تغص بالرياء والفساد والتضليل والخيانة، وفَضْفِض واستمِعْ. فالمعارضون هم الصادقون في حماية مُلْكِك والمضحين من أجل الوطن. نحن وانت والدولة ضحية هذا النهج السياسي، والقضية الفلسطينية أمُّ ضحاياه، والثورة البيضاء هي على هذا النهج وعلبته. حَجْمُ تَمَسُك الشعب بك فرصة لك فالتقِط اللحظة، هو سلاحك للتغيير الذي تركع له أمريكا واسرائيل الزيف. وثق بالمقابل أنك إن خذلت هذا الشعب فلن يسامحك ولن يتخل عن الوطن.

يا صاحبَ القرار وإلَّا، فمِن الحديث الشريف أقتبس ” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك “. ففي هذا الشعب من الرجال ما يفيض عن استيعاب السجون، ويستعصي على دس الدسَّاسين وعلى كسر الإرادة واستمراء الخيانة والذل، وسيتداعون لاختراق الجدار وزبل أفراخ الديناصورات، ويستعيدون وِحْدَةَ الشعب نصرة للأردن وفلسطين وطناً. وعلى الجميع أن يفهم ما يفهمه العدو بأن لا أردن بدون فلسطين ولا فلسطين بدون الأردن، وجسدنا الجغرافي التاريخي السكاني الواحد على ضفتي الجدول لم يُجزئْه المجزئون فكيف نجزئُه نحن؟. نقبل التحدي ولو جيلاً بعد جيل، نخسر ولا نستسلم، نعمل حتى ننتصر.

كاتب وباحث عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى