أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
منوعات

كيف توفر زراعة أسطح المنازل فرص عمل لائق؟..بقلم رزان المومني

كيف توفر زراعة أسطح المنازل فرص عمل لائق؟

زراعة اسطح المنازل - المنتصف
زراعة اسطح المنازل – المنتصف

صحيفة المنتصف

المرصد العمّالي الأردني – رزان المومني
تصنف مشاريع زراعة أسطح المنازل، بأنها شكل من أشكال الاقتصاد الأخضر، فهي مشاريع تستغل الموارد المتاحة بشكل أفضل وتحافظ على البيئة، وتوفر فرص عمل لائق وبخاصة للنساء.
يؤكد خبراء في مجال الزراعة لـ”المرصد العمّالي الأردني”، أن من شأن مشاريع زراعة أسطح المنازل أن توفر فرص عمل أسري في مجال الاقتصاد الأخضر. في حين، ترى نساء اتخذن هذا النوع من المشاريع مصدرا للدخل، أن بيئة العمل جيّدة، وبخاصة للنساء اللاتي لديهن أطفال، “يبقى أطفالنا أمام أعيننا”.
هيا عواد، ابنة التاسعة والعشرين عاماً، أنشأت مشروعا لزراعة نباتات الزينة الداخلية وأشتال الزيتون والليمون والتوت، على سطح المنزل بمساحة لا تُجاوز ستة أمتار.
 عملت هيا في مجال تخصصها الجامعي؛ علم الإنسان “الأنثروبولوجيا”، وبعد أن أصبح لديها أطفال واجهت صعوبة الاستمرار في العمل، وأدركت أن بيئة العمل غير مناسبة لها كامرأة لديها أطفال.
ومنذ نحو ثلاثة أعوام، انتقلت هيا وأسرتها للسكن في قرية “كفر الماء”، بمحافظة إربد. حينها، ذهبت إلى أحد المشاتل القريبة لتشتري نباتات للمنزل الجديد، “شجعني صاحب المشتل وأخبرني أن النباتات إدمان، ستعودين وتشترين مرارا وتكرارا”. لم تغب هذه الجملة عن ذهن هيا؛ ففكرت بتنفيذ مشروع خاص بزراعة النباتات.
وفي حديثها إلى “المرصد العمّالي”، توضح هيا أنها استثمرت ميزة أنها متفاعلة على منصات التواصل الاجتماعي، “فأنشأت صفحات باسم المشروع، وعدت إلى صاحب المشتل، اتفقت معه أن آخذ كمية من النباتات والأشتال وأبيعها ثم أسدد ثمنها لاحقاً، ومن هنا بدأت، وبدأ التفاعل والطلبات على شراء النباتات تزيد شيئا فشيئاً، وأصبح الأمر إدمانا”.
ورغم أنها بدأت المشروع في ظروف صعبة، “خلال جائحة كورونا”، إلا أنها استطاعت أن تجمع خلال ستة أشهر ما يقارب 700 دينار صافي أرباح. “في الوقت الحالي يعتبر المشروع مصدر دخل لي ولشقيقتي ندى، واستطعنا أن نغطي نفقات استكمال درجة الماجستير من هذا العمل”.
وتشير هيا إلى أنه لا يوجد عدد ساعات معينة أو محددة للعمل؛ “العمل حسب الطلب ولا يتطلب جهدا كبيرا، يومياً نستغرق في تنظيف وعناية وسقاية الأشتال نحو ثلاث ساعات، غير أن الطلبات تحتاج ساعتين بين تغليف وترتيب وتجهيز، وفي أيام معينة خلال الشهر أذهب لشراء النباتات من بورصة الزهور في العاصمة عمان”.
وتوضح أنها تواجه تحديا حقيقيا في توصيل الطلبات إلى الناس من خلال شركات التوصيل، “شركات التوصيل غير مؤهلة لنقل النباتات والأشتال، بعض النباتات تتلف بسبب عدم التعامل معها بشكل جيّد، وهذه الخسارة أنا من يتكبدها”.
وتؤشر إلى أن المشروع يعمل فيه شاب بشكل غير مباشر، يوصِل الطلبات للناس، “الشاب الذي يوصل الطلبات إلى المؤسسات والأشخاص في إربد ومحيطها، ويوصل نحو 10 طلبات، ويحصل على أجر 30 ديناراً في اليوم الذي يعمل به”.
وتؤكد بأن عملها آمن وخالٍ من إصابات العمل، ولذلك لم تفكر في جانب الحمايات الاجتماعية من ضمان اجتماعي أو تأمين صحي، أو إذا كانت ذات فائدة، “بيئة العمل الحالي أفضل كثيرا مقارنة ببيئة العمل في تخصصي، كما أن العمل في مشروعي يبقي أطفالي أمام عيني”.
وتأمل هيا بتوسيع المشروع وإقامة معرض لبيع الهدايا وتنسيق الحدائق، “بكل تأكيد سيوفر المشروع المزيد من فرص العمل عند توسعته وقد احتاج ما يقارب خمسة أشخاص”.
أما شقيقتها ندى، ابنة الأربعة والعشرين عاماً، فاستطاعت أن تكمل دراسة الماجستير في تخصص الإعلام من خلال عملها في المشروع، “اشتركت في جمعيات عائلية، وجمّعت الأقساط الجامعية من خلال عملي في المشروع”، تقول لـ”المرصد العمّالي”.
توكَّل ندى كل يوم بمهامٍ عديدة، “أهتم بالنباتات وأنظفها وأسقيها، وبعدها أسلم الطلبات للشركة المسؤولة عن التوصيل للأماكن البعيدة أو للشاب المسؤول عن التوصيل في إربد ومحيطها”.
وهي تزرع النباتات والأشتال داخل أصص (قواوير) بأحجام مختلفة، وتستخدم البيتموس (مواد عضوية متحللة تُستخرج من المستنقعات المائية) بديلاً عن التربة، “استخدمنا البيتموس لقدرته الفائقة على إدارة المياه بكفاءة، ووزنه الخفيف مقارنة بتراب الأرض”.
عملت ندى بمجال الإعلام، غير أنها في الوقت الحالي لا تستطيع حتى البحث عن عمل بالمجال، “دراستي تحتاج إلى وقت وأنا أُعتبر مسؤولة من أسرتي، ومدينة إربد لا يتوافر فيها فرص عمل جيّدة في مجال الإعلام”.
وتستدرك بالقول إنها تحب العمل في كلا المجالين: الإعلام والزراعة، “لا أجد فارقا أو مفاضلة بينهما، ودراسة الإعلام كان لها فائدة، أسقطت المهارات التي تعلمتها خلال الدراسة في تصوير النباتات، التصوير فن يضيف جمالية خاصة للنباتات”.
ويكشف تقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، بعنوان “الأردن يمتلك فرص واسعة لتوليد فرص عمل جديدة من خلال الاقتصاد الأخضر”، أنّ الأردن يمتلك إمكانات واسعة لتعزيز نمو اقتصاده وتوفير فرص عمل لائق من خلال التوسع في الاعتماد على الموارد الخضراء.
ويؤشر التقرير الصادر في تشرين الثاني عام 2021، وبالتزامن مع انعقاد قمة المناخ العالمي في جلاسكو بأسكتلندا، إلى أن قطاعات عديدة من بينها قطاع الزراعة، تمتلك فرصا كبيرة لتوليد وظائف لائقة ومستدامة ومباشرة حال اعتمدت على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة وتقنيات التدوير.
ويدعو التقرير إلى دعم المنتجين الزراعيين من ذوي المزارع الصغيرة والمتوسطة، وتحفيزهم على استخدام تقنيات بيئية تزيد الإنتاج وتخفّض الكلف في سبيل فتح الباب لفرص عمل أكثر من الفئات الحاصلة على شهادات علمية كالهندسات الزراعية.
من جانبها، تؤكد مسنات الحياري، مديرة مديرية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في المركز الوطني للبحوث الزراعية، أن الابتكار في زراعة الأسطح له دور في توفير فرص عمل ودخل للأسر، إلى جانب ضمان الأمن الغذائي والاستدامة البيئية والحد من الفقر.
“من المعروف أن زراعة الأسطح تحافظ على البيئة وتنقي الجو، من خلال استغلال المساحات الفارغة، وتوفر ما نسبته 70 بالمئة من المياه، وتنتج أصنافا مختلفة من خضروات وفاكهة ونباتات زينة”، تقول لـ”المرصد العمّالي”.
وتوضّح أن فكرة زراعة الأسطح انتشرت منذ فترة بسيطة، وكان للمشاريع المختلفة في العديد من المؤسسات مثل المركز الوطني للبحوث الزراعية ووسائل الإعلام دور مهم في نشر تلك الفكرة، وانخرط الكثير من الأسر والشباب بإنشاء هذا النظام أكان على أسطح المنازل أو في شرفات المنازل أو الحدائق المنزلية”.
وتؤشر إلى أن الاهتمام بزراعة الأسطح يأتي من فكرة الأمن الغذائي، إذ يستطيع الشخص إنتاج طعامه اليومي من خلال استغلال أجزاء من الأسطح فى زراعة المحاصيل المختلفة، “يمكن أن تدر ربحا متوسطا إذا نفذت بشكل مناسب، غير أنها تتميز بسهولة تنفيذها وقلة كلفة إنشائها”.
وتؤكد أن الجميع مسؤول عن توجيه الناس إلى مشاريع الاقتصاد الأخضر بما فيها مشاريع زراعة الأسطح، “وزارات الزراعة والبيئة والإدارة المحلية والمياه مسؤولة جميعها عن توجيه الناس، وذلك من خلال الإعلام، ليصبح لدينا اكتفاء ذاتي ومدن خضراء، وخصوصا بالظرف المناخي الذي يشهده العالم”.
وتشدد على ضرورة دعم الأسر من أجل الابتكار بطرق تشجع على تكثيف الإنتاج وتحسين سبل العيش الريفية، “يمكن ذلك من خلال تمويل المشاريع وإدخال محاصيل وأصناف جديدة، إلى جانب تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة، والتعامل مع الأسواق بطرق جديدة أكثر كفاءة”.
وتقول لـ”المرصد العمّالي”، إن القطاع الزراعي ككل يسهم بما نسبته 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومشاريع زراعة الأسطح جزء بسيط من القطاع الزراعي، ويحقق الاكتفاء الذاتي للأسر، ويسهم بسلة الغذاء.
ويعرّف الاقتصاد الأخضر وفقاً لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية على أنه اقتصاد مستدام يحافظ على البيئة وعناصرها المختلفة ويضمن العدالة الاجتماعية ويحد من الفقر والبطالة.
وعلى ضوء ذلك، تؤشر الحياري إلى أن أي مشروع يراعي البيئة ويقلل هدر الموارد يصنف من مشاريع الاقتصاد الأخضر، “مشاريع زراعة الأسطح والشرفات والحدائق والبنايات الخضراء والمخلفات المزرعية بشقيها النباتي والحيواني، والطاقة الشمسية، وأي مشروع يوفر الموارد يعتبر شكلاً من أشكال الاقتصاد الأخضر”.
وتوضح أن للمركز يعمل بجهد على إدخال مفهوم الاقتصاد الأخضر إلى الزراعة؛ لتحسين نوعية المنتجات وزيادة إنتاجية المحاصيل وتقليل كلف الإنتاج واستخدام المياه؛ “نفذ المركز عددا من مشاريع تدريب النساء على زراعة أسطح المنازل بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير مصدر دخل أسري”.
ووفق تقرير الفينيق، تشير أرقام منظمة العمل الدولية إلى أن الاقتصاد الأخضر على مستوى العالم، يستطيع توفير 24 مليون فرصة عمل بحلول العام 2034، في حين قد نخسر 6 ملايين فرصة عمل تقليدية.
المصدر : المرصد العمّالي الأردني – رزان المومني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى