أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
صحة و جمال

زيارة العيادات النفسية بين ثقافة العيب و وصمة الجنون

زيارة العيادات النفسية بين ثقافة العيب و وصمة الجنون

الصحة النفسية - المنتصف
الصحة النفسية – المنتصف

صحيفة المنتضف

غزة – تقرير  وردة بن جرمي

على الرغم من التقدم الكبير الذي يشهده العالم العربي على وجه العموم و الفلسطيني على وجه الخصوص إلا أن ثقافة التوجه إلى الطبيب النفسي لا زالت خجولة جداً في مجتمعاتنا ، الصحة النفسية أمر لا بد منه و يجب الحفاظ عليها كما نحافظ على أجسادنا من المرض ، فمن منا لم يسمع عن حالات الانتحار و إيذاء النفس المعتمد نتيجة التراكمات النفسية التي تم إهمال علاجها بسبب العيب تارة و وصمة الجنون التي يطلقها البعض على من يرتادون العيادات النفسية تارةً آخرى ، وهذا ما يدفع الأشخاص إلى تجنب الذهاب إليها وإن راجعوها فعلاً فيتم ذلك بمنتهى السرية والتكتم .

الكثير من الأشخاص يعانون في حياتهم اليومية من الحالات النفسية المتنوعة كالحزن و القلق و الخوف واضطراب المزاج و التفكير الزائد و أشياء آخرى لا حصر لها ، وقد تكون لهذه المعاناة تأثيرات سلبي على النواحي الشخصية و الاجتماعية و العملية إذا تم إهمالها .

ماذا أفعل ؟! السؤال الذي يقف الشخص أمامه عاجز عن الإجابة بعد أن تتفاقم حالته النفسية ، الغريب في الأمر أنه لا مانع لديه من زيارة الشيوخ أو المشعوذين أو من يدعون العلاج الروحاني بحجة أنه مسحور في المقابل تجده لا يفكر مطلقاً في زيارة طبيب نفسي رغم قناعته بأن ما يعاني منه هو حالة نفسية لو أهملها ستتفاقم ، إلا أن خوفه من أن يُطلق عليه المجتمع اسم مريض نفسي أو يُتهم بالجنون يمنعه من التفكير بالأمر ، أما البعض الآخر يعتقد أنه قادر على أن يتجاوز أزمته بنفسه دون الرجوع إلى طبيب نفسي ، و آخرين يكونون تائهين لا يعلمون إلى أي تخصص طبي يذهبون للمساعدة .

وقالت “ن. أ” و التي فضلت عدم الكشف عن اسمها : “إن ارتياد العيادة النفسية في مجتمعنا يعرض صاحبه للإحراج لا سيما أن الكثيرين يعتقدون أن زيارة الطبيب النفسي للأشخاص المجانين فقط ، وهذا إعتقاد خاطئ حسب رأيها ، موضحة يجب تعزيز ثقافة زيارة الطبيب النفسي في ظل قلة الوعي وإدراك أهمية الأمر كما في المجتمعات الغربية التي أصبحت تعين أختصاصيين نفسيين لمساعدة جميع أفراد الأسرة”.

وذكرت المعلمة أم خليل تعقيباً على الموضوع : أن بعض الأشخاص يعانون من أمراض نفسية حقيقية كاضطرابات الوسواس القهري و الاكتئاب و الإدمان و الاضطرابات الشخصية و و و الخ ، وهم بحاجة فعلاً للعلاج ، مؤكدة أن ليس كل شخص يتلقى علاج النفسي يُشخص كمريض عقلي ، وبالتالي فإن اللجوء للعلاج النفسي مهم جداً لتقييم الحالة ووصف العلاج المناسب ، و حسب رأيها مراجعة العيادات النفسية ضرورة صحية يحتاجها أي إنسان كحاجته للطبيب العام خاصة في ظل الظروف التي يمر بها المجتمع من ضغوطات اقتصادية و سياسية واجتماعية ، و أضافت اللجوء للعلاج النفسي ضرورة لا تقتصر على الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية بل يجب أن نخضع جميعاً للعلاج وخصوصاً بعد عشرات الحروب و المجازر التي شاهدناها بأم أعيننا.

من جهتها أضافت الأخصائية النفسية فاطمة أبو غالي : “على الرغم من كلّ ما يشهده عصرنا من تقدّم وتطوّر على صعيد العدالة الاجتماعية ، وعلى الرغم من كلّ الجهود الحثيثة التي تُبذل في سبيل تحقيق المساواة وتشجيع تقبّل الآخر ، إلاّ أننا لازلنا مع ذلك نرى في مجتمعاتنا العديد من التصرّفات المُهدِّدة أو غير المريحة إزاء الأمراض النفسية. حيث تؤدي مثل هذه التصرّفات إلى تشكيل وصمة عارٍ وخلق العنصرية تجاه أولئك الذين يعانون من هذه الأمراض. تظهر مثل هذه التصرّفات المؤذية على وجه الخصوص عندما يمتلك الأشخاص ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بأنهم مصابون باضطرابات نفسية، لكنّ شجاعتهم هذه تنقلب للأسف ضدّهم في كثير من الأحيان، فيتعرّضون للسخرية أو الإقصاء، سواءً من الحلقات الاجتماعية أو أماكن عملهم. لقد أدّت جميع هذه العوامل إلى خلق ما يعرف بـ “وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي .

و من النصائح و الإرشادات التي أوصت بها الأخصائية أبو غالي من أجل تخفيف الوصمة النفسية و الكيفية الصحيحة للتعامل معها :

1- احصل على العلاج قد تحجم عن الاعتراف أنّك بحاجة إلى العلاج، خوفًا من أن يتمّ وصفك بالمريض العقلي أو المجنون. لا تدع هذه المخاوف تسيطر عليك وتحول بينك وبين طلب المساعدة. الحصول على العلاج في الوقت المناسب سيضمن لك تشخيص حالتك وفهمها بشكل أفضل، وبالتالي تحديد سبل العلاج، الأمر الذي يقلّل من تبعات المرض الذي تعاني منه ومن تداخلاته في حياتك المهنية والشخصية.

2- لا تسمح لوصمة العرض أن تفقدك الثقة بالنفس قد لا تأتي وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي من الآخرين وحسب، فربما أنت نفسك تؤمن بأنّ هذا الاضطراب النفسي الذي تعاني منه هو نقطة ضعف في شخصيّتك، أو ينتابك شعور بالخجل والحرج منه يحول بينك وبين طلب العون. ليس هذا وحسب، فقد تبدأ بجلد ذاتك والتقليل من قيمتها الأمر الذي سيزيد حالتك سوءًا. تذكّر دومًا أن الاضطراب النفسي مهما كانت درجته ونوعه، هو كأيّ مرض جسدي آخر، يُشفى ويختفي مع العلاج.

3- لا تعزل نفسك عن الآخرين إن كنت تعاني من إحدى الاضطرابات النفسية، فقد تميل إلى العزلة والابتعاد عن أصدقائك وعائلتك، بل قد تجد أنّه من الأفضل ألاّ تخبرهم شيئًا عن حالتك. لكن تصرّفك هذا ليس صحيحًا تمامًا فمثل هؤلاء الأشخاص قد يكونون مصدر دعم معنوي مفيد للغاية. ليس عليك أن تنشر خبر إصابتك بمرض نفسي في كلّ الجرائد اليومية بالطبع! لكن احرص على إخبار عدد من الأشخاص المقرّبين منك ممّن تثق بهم حتى يقدّموا لك الدعم اللازم عند الحاجة.

4- لا تساوي نفسك بمرضك أحسن استخدام الكلمات للتعبير عن مرضك أو الاضطراب النفسي الذي تعاني منه، ولا تساوي نفسك بالمرض الذي تعاني منه، بدلاً من القول: “أنا مكتئب”، استخدم جملة: “أنا أعاني من الاكتئاب”. تذكّر …أنت لست مرضك، وإنما أنت تعاني من أعراض أو اضطراب منفصل تمامًا عنك، ويمكن أن يختفي مع العلاج.

5- انضمّ إلى جماعات دعم هنالك العديد من المراكز والجماعات المحلية أو الدولية التي تقدّم برامج دعم للمصابين بالأمراض والاضطرابات النفسية. اختر من هذه المراكز ما تراه مناسبًا لك، واحرص على زيارتها بشكل دوري وحضور الاجتماعات أو الفعاليات التي تعقدها، سواءً للتثقيف حول حالتك المرضية أو لتقديم المشورة أو للتعرف على أشخاص آخرين يعانون من مشكلات مماثلة.

6- احصل علي المساندة والدعم من المقربين منك أو من المؤسسات التي تختص بمشكلتك وذلك حتي لا يتفاقم وضعك .

7- كن منفتحاً على مواضيع الصحة الذهنية حتى لو كنت بعملك هذا تساعد شخصًا واحدًا فقط، فذلك يكفي. احرص على التحدّث عن الصحّة النفسية وأهميتها وضرورتها سواءً كنت في اجتماع مع أصدقائك وأقاربك، أو من خلال مقال تنشره على مدوّنتك الخاصة أو صورة أو فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. حاول أن تنشر هذا المفهوم لأكبر عدد ممكن من الأشخاص.

8- ثقّف نفسك حول الصحة الذهنية استغلّ كلّ فرصة ممكنة لتثقّف نفسك والآخرين حول الصحة الذهنية والاضطرابات النفسية. في كلّ مرة تسمع فيها حديثًا عن هذا الموضوع أو تعليقًا سلبيًا حول المرضى النفسيين، اسعَ لأن تفهم وجهة نظر المتحدّث ومن ثمّ ناقشه بعقلانية ووضّح له أثر كلامه في زيادة انتشار ظاهرة وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي.

9- انتبه لكلامك كثيرون من يستخدمون الأمراض النفسية المختلفة كشتائم يطلقونها على الآخرين إمّا على سبيل المزاح أو بشكل جدّي , لا شكّ أنّك في يوم ما أطلقت على صديقك صفة المفصوم أو المجنون أو المتخلّف عقليًا. انتبه من الآن فصاعدًا إلى كلماتك، فمثل هذه العبارات جارحة لأولئك المصابين حقًا بهذه الأمراض، وتسهم في زيادة معاناتهم وشعورهم بالعار والحرج من أمراضهم.

10- فكّر في الاضطرابات النفسية كما تفكّر في الأمراض الجسدية هل سمعت يومًا شخصًا يستهزأ بمرض السرطان، أو السكّري أو ارتفاع ضغط الدّم؟ بل هل امتلكت أنت الجرأة في يوم ما على فعل ذلك؟ إن لم تكن قد فعلت، فلماذا إذن تستخفّ وتستهزأ بالاضطرابات النفسية على الرغم من أنّها حالات مرضية مماثلة للأمراض الجسدية ولا تقلّ عنها جديّة وخطورة.

11- تعاطف مع أولئك المصابين باضطرابات نفسية قد يبدو لك الاستماع إلى شخص مصاب بالاكتئاب وهو يحدّثك عن قصته أمرًا بسيطًا للغاية، لكنه مع ذلك يعني لهذا المريض الكثير. احرص دومًا على أن تتعاطف مع أولئك الذين يعانون من الاضطرابات والأمراض النفسية مهما كانت بسيطة. ولا تُظهر تعاطفك هذا على أنّه شفقة وحزن عليهم، بل كن داعمًا لهم مستعدًّا للاستماع إلى قصصهم ومشاعرهم لأن أثر ذلك على نفوسهم بل وحتى على تماثلهم للشفاء لا يصدّق.

12- حارب ظاهرة (الوصمة النفسية ) , لا تتردّد في أن تعبر عن رأيك حول ظاهرة وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي، عبّر عن رفضك ومحاربتك لها خلال الاجتماعات والفعاليات المختلفة، فمثل هذا الأمر قد يساعد الآخرين ممن لا يمتلكون الشجاعة الكافية على أن يفعلوا الشيء ذاته، بل قد يساعد المصابين أنفسهم على تقبّل إصابتهم بالمرض النفسي واتخاذ القرار بالحصول على العلاج المناسب. في النهاية، لابدّ لنا التنويه إلى أنّ الأحكام التي نطلقها على الآخرين نابعة في غالب الأحيان من جهلنا بالحقائق أو قلّة فهمنا لظاهرة أو موقف معيّن. لذا سواءً كنت أنت الشخص المصاب الذي يعاني من وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي، أو كنت تتعامل مع أشخاص مصابين بأمراض نفسية ويعانون من هذه الظاهرة، احرص دومًا على أن تثقّف نفسك وتعرف المزيد عن هذا الأمر، فكلّما عرفت ساهم ذلك في تحقيق نتائج إيجابية عليك أو على مجتمعك .

13- من المهم جدا مراقبة وسائل الاعلام التي تنقل محتويات تسيئ للمريض والمرض .

لكل ما سبق لا بد لكل هؤلاء الأشخاص أن يعلموا ان الخجل و تجنب الذهاب إلى الطبيب النفسي ليس له إلا ضحية واحدة وهو الشخص نفسه و أسرته ، حيث أن حل المشكلة مبكراً يساهم في علاجها وهي لا تزال في حدودها الضيقة ، بينما التأخير يسبب تفاقماً للمشكلة و يحتاج إلى علاج بطريقة أوسع قد تتضمن الدخول إلى المستشفى لتلقي العلاج ، وتكون نتائجها أحياناً أقل إيجابية من العلاج المبكر ، لا داعي للقلق بخصوص التردد من زيارة الطبيب النفسي لأن التعامل في الطب النفسي يمتاز بالسرية التامة بكل ما يتعلق بالمريض من معلومات و علاج .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى