تونس الإنتقال من الثورة إلى صناعة الدستور… بقلم رحاب السيد
تونس… الإنتقال من الثورة إلى صناعة الدستور
الخرطوم : رحاب فضل السيد
صحيفة المنتصف
كانت ثورة محمد البوعزيزي وهو يشعل النار على جسده بمثابة الثقاب الذي أضاء للشعوب طريقها نحو التخلص من الديكتاتوريات المتسلطة على شعوب المنطقة العربية والإفريقية وهي ثورة عرفت باسم (ثورة الحرية والكرامة) تلك الثورة الرافضة لأوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام التونسي الحاكم… وصلت شرارة الثورة إلى المباني الحكومية حتى أجبرت الرئيس بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ، لتبدأ الدولة التونسية في تأسيس أركانها منذ ذلك الوقت، حتى وصلت مرحلة صناعة الدستور.
الأغلبية الساحقة
وافق التونسيون بأغلبية ساحقة على مشروع الدستور الذي جرى طرحه للاستفتاء، في الخامس والعشرين من يوليو الجاري، وسط آمال بأن يقود البلاد نحو استقرار سياسي. وقال رئيس الهيئة، فاروق بو عسكر، في مؤتمر صحفي، أن 94.60 في المئة من التونسيين صوتوا بنعم على مشروع الدستور. وصاحبت عملية التصويت سجال حاد بشأن محتوى مشروع الدستور الجديد، وفي ظل مقاطعة من قوى سياسية معارضة، أبرزها حركة النهضة التي كانت القوة الكبرى في البرلمان المنحل. وعلى الرغم من ذلك لم تشهد مراكز الاقتراع في تونس أي اضطراب يعكر عملية الاقتراع.
ويعد مشروع الدستور الجديد من بين الإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي في 25 يوليو الماضي بعد إزاحة الإخوان من الحكم وإقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.
ملامح من الدستور
من أبرز ملامح الدستور التونسي الجديد أنه لن ينص على دين للدولة التونسية وإنما حصر الأمر على الاشارة الى “دين الأمة” .. فالرئيس التونسي قيس سعيد أشار في تصريحات سابقة إلى أن الدستور القادم لتونس “لن يتحدث عن دولة دينها الاسلام، بل يتحدث عن أمة دينها الإسلام”. كذلك أكد الدستور على أن السلطة لصاحب السيادة وهو الشعب.. ونظام الحكم المنتظر، سيقوم على «الوظائف» لا على السلطة. فلن تكون هناك سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية بل ستكون وظائف تشريعية وقضائية وتنفيذية، أما السلطة فهي للشعب، وفق تصريحات الرئيس قيس سعيد. المادة 101 التي تنص على أن الرئيس هو الذي يعين رئيس الوزراء، وكذلك أعضاء الحكومة، بناء على اقتراح من رئيس الوزراء، عكس النظام الحالي الذي يعطي للبرلمان دوراً رئيسياً في اختيار الحكومات. وكذلك تنص المادة 112 على أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، بينما تنص المادة 87 على أن الرئيس يمارس المهام التنفيذية بمساعدة الحكومة. تنص المادة 102 على أن بإمكان الرئيس إقالة الحكومة أو أي من أعضائها.
لكي يتمكن البرلمان من إقالة الحكومة، يتعين تأييد ثلثي النواب لحجب الثقة عنها في تصويت، حسبما تنص المادة 115، وهو هامش أكبر من الأغلبية البسيطة المطلوبة حالياً. وتنص المادة 116 على أنه في حالة إجراء تصويت ثان بحجب الثقة في نفس الدورة البرلمانية، فيمكن للرئيس إما قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان مما يعني إجراء انتخابات جديدة.
ردود أفعال
منذ أن طُرح مشروع الدستور على جريدة الرائد الرسمي التونسية لاستفتاء الشعبي التونسي حوله أثار الدستور ردود أفعال واسعة ومتباينة حول مواد أساسية وردت بالدستور حيث يرى فيه مؤيدوه تكريساً لسلطة الشعب بينما يرى معارضوه أن الدستور كرّس السلطة بيد الرئيس وأن الدستور يعتبر انقلاباً على الديمقراطية وهو يخدم الرئيس سعيد أكثر من كونه يخدم تونس.
أما الولايات المتحدة الأمريكية بدورها أبدت تخوفها من الدستور وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، قال إن الدستور التونسي الجديد قد يمسّ حقوق الإنسان. وأوضح برايس أنّ إضعاف التوازن بين السلطات في الدستور الجديد من شأنه المسّ من حقوق الإنسان .