أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

معركة اوراق الضغط و الصبر…بقلم مشهور المومني

الخبير العسكري الأردني العقيد المتقاعد مشهور المومني

معركة اوراق الضغط و الصبر .. بقلم مشهور المومني

مشهور المومني -المنتصف
مشهور المومني -المنتصف

صحيفة المنتصف

فصل من فصول موسوعة طوفان الاقصى
للانتصار في اي معركة يسعى كل طرف لاستغلال نقاط ضعف العدو واستخدام جميع الوسائل الكفيلة بكسر ارادة القتال لديه ودفعه للاستسلام او للتخلي عن اهدافه من الحرب، ومن ينجح اولا في ايصال الخصم الى هذه الدرجة سيكون بلا شك هو المنتصر، وإن لم يستطع ايصال خصمه لهذه الوضعية فإنه على الاقل يجعل فاتورة نصر الخصم كبيرة واحيانا تكون اغلى واكثر قيمة من النصر نفسه لدرجة عدم قدرة الخصم التباهي بنصره او يجعله يحسب الف حساب قبل التفكير بخوض حرب مماثلة بنفس التكاليف، وفيما يلي نستعرض بعض اوراق الضغط التي استخدمت في معركة طوفان الاقصى ومن الطرفين:
1. أوراق ضغط جيش الاحتلال على المقاومة الفلسطينية.
أ. ورقة الحصار :استخدمها جيش الاحتلال طيلة 17 عام سبقت عملية طوفان الاقصى واستمرت بل وزادت مع انطلاق العملية ،فهو يتحكم بكل ما يدخل الى قطاع غزة من مواد تمونيه ومعدات ومستلزمات طبية وحتى دخول وخروج الافراد من غزة واليها ويسيطر على المعابر ويراقب الحدود البرية والبحرية، ورغم تأثير هذه الورقة الخانق على أهل غزة الا أن المقاومة وقاعدتها الشعبية استطاعت أن تصبر وتتحمل وتجد البدائل من الموارد المحلية وأوجدت الانفاق التي استطاعت من خلالها أن تحصل على بعض مستلزماتها من السلاح وهربته بعيدا عن اعين ومراقبات العدو فإستطاعت ان تتقدم في مشاريع تطوير وصناعات الاسلحة محلياً رغم طوق الحصار فلم تخضع لتأثير ضغط هذه الورقة.
ب. ورقة الجوع والعطش : قبل عملية طوفان الاقصى كان الجيش الاحتلال يمنع سكان غزة من العمل في الخارج الا عدد محدود ليعمل في اعمال الزراعة والانشاءات داخل مستعمرات الغلاف ولعدم القدرة على انشاء مصانع ولضيق منطقة غزة فكانت الزراعة محدودة كما حدد مناطق صغيرة من البحر مقابل غزة سمح للصيادين الصيد بها فقد عانى سكان القطاع من البطالة بشكل كبير وبعد انطلاق العملية قطع الكهرباء ومنع الوقود وحرم دخول المساعدات وقصف ابار وخزنات الماء وجرف الاراضي الزراعية وتعمد قصف المخابز وفرض حصاراً بحريا على السواحل فاستحال معه صيد الاسماك ومرة اخرى صبرت المقاومة ومن وراءها شعب غزة وتحملوا الجوع وتقاسموا القليل مما توفر لهم وشربوا الماء المالح وطهو طعامهم على الاخشاب بدل الغاز وجمعوا ماء المطر فاستطاعوا التقليل من أثار هذه الورقة.
جـ. ورقة القتل والدمار: عندما عجز جيش الاحتلال من النيل من المقاومة تعمد ان يضرب المقاومة في حاضنتها الشعبية فقد قصف بالطائرات والمدفعية بيوت المدنيين ومدارسهم ومراكز الايواء والمستشفيات وسجل ارقاما قياسية في عدد وبشاعة المجازر التي ارتكبها حتى ظهر وكأن هدفه الحقيق من الحرب ليست أي من الاهداف المعلنة وانما قتل اكبر عدد ممكن من اهل غزة، لكن مع كل اعداد الشهداء والجرحى والدمار الذي لحق بالمباني والممتلكات صمدت المقاومة وصمد معها اهل غزة فاحتسبوا ما فقدوا عند الله وحمدوه على كل حال فضربوا مثلاً يحتذى بالصبر والاحتساب مما ادى الى قهر عدوهم وقلب الرأي العام الداخلي والخارجي ضد جرائم جيش الاحتلال فخرجت مظاهرات منددة بالعدوان على غزة و وحشيته و اقيمت محاكم دولية ضده وعقدت جلسات دولية لمحاسبته فكانت هذه الورقة شديدة الاثر على المقاومة ولكنها لم ترضخ وبنفس الوقت انقلب أثرها على جيش الاحتلال بقدر قد لا يقل عن تأثيرها على المقاومة.
د. ورقة التهجير: استخدمت قوات الاحتلال هذه الورقة لعدة اسباب منها محاولة تفريغ غزة من اهلها وتهجيرهم الى الخارج وترك المقاومة بدون حاضنة تدعمها من أهل غزة ،ومنها فصل المقاتلين في مناطق القتال عن المدنيين وبذلك يسهل صيدهم والقضاء عليهم وقد استخدمت ايضا بهدف تجميع اهل غزة في مناطق نزوح واستهدافهم وقد تم قتل الكثير منهم وبضربة واحدة فكان الهدف هو قتل اكبر عدد باقل جهد ممكن، صبر أهل غزة ولم يستجيبوا لضغوط هذه الورقة فرفضوا التهجير الى الخارج جملة وتفصيل رغم الاغراءات بمنحهم جنسيات امريكية وأوربية ورغم انهم اجبروا على النزوح الداخلي الا انهم لم يتركوا فرصة للعودة لمنازلهم حتى المدمرة منها الا عادوا وبذلك فوتوا على جيش الاحتلال تأثير هذه الورقة.
هـ. .استخدمت قوات جيش الاحتلال اوراق اخرى ذات تأثيرات مختلفه مثل حرمان اهل غزه من الرعاية الصحية وتدمير مرافقها واعتقال وقتل عدد كبير من طواقمها كما استخدموا الدعاية والاعلام والكذب والتمثيل وفشلوا فشل ذريع في استخدامه و غالبا ما كان ينقلب التأثير عليهم واستخدموا اسلوب اسر الرجال واعتقالهم والتحقيق معهم وتعذيبهم احيانا ولكن كل ذلك لم يستطع ان يثني المقاومة عن متابعة القتال .
٢ . أوراق ضغط المقاومة على الجيش الاسرائيلي:
أ. ورقة الاسرى. استخدمت المقاومة هذه الورقة للتفاوض وفرض شروط التفاوض على الجانب الاسرائيلي رغم محاولة جيش الاحتلال ان يتجنب تأثيرها الا انه اجبر على فرض هدنه وتم تمديدها واجبر على اطلاق العديد من الأسيرات والأسرى من الاطفال الفلسطينيين مقابل اطلاق اسيرات واطفال محتجزين عند المقاومة وبمعدل ثلاث مقابل واحد وما زال يفرض شروط للتفاوض مستخدم هذه الورقة التي ازداد تأثيرها على جيش الاحتلال بعد ما فشلت كل محاولاته حتى اليوم الثامن بعد المئة لانطلاق عملية طوفان الاقصى من تحرير أي اسير ونتج عن محاولاته قتل عدد من الاسرى بنيران جيش الاحتلال وأحيانا نتج مقتل فرق التحرير كما استطاعت المقاومة من استغلال الاسرى وتسريب معلومات مخادعة عن اماكن تواجدهم في نصب الكمائن لقوات الاحتلال والاجهاز عليهم .
ب. ورقة اطلاق الصواريخ على المدن المحتله .حيث يتواجد المحتلون تعتبر الصواريخ التي تمتلكها المقاومة هي الذراع الطويلة لسلاح المقاومه للتاثير على المحتلين في جميع مناطق فلسطين واستطاعت ان تضرب وتهدد امن المحتلين في دائرة تأثير شملت مدن فلسطين من شمالها لجنوبها ومن غربها الى شرقها فاجبر الاحتلال على تعطيل المدارس والجامعات وعلى العيش في الملاجئ واجبر العدو على تهجير سكان الغلاف واسكانهم في اماكن بعيدًا عن منازلهم مما عطل حياتهم واوقف انتاجهم وخرب مزارعهم وظهر أثره المباشر على اقتصادهم الذي خسر خسارات كبيرة.
جـ. ورقة الاعلام . ان اول خسارة وأكثرها وضوحًا للعيان حتى قبل انتهاء العملية كانت الخسارة الاعلامية فقد خسر على مستوى الاعلام العسكري الذي يوثق عمليات قنص المقاومة لجنود الاحتلال وعمليات تدمير دبابات وناقلات الجند وجرافات وسيارات جيش الاحتلال ، وعلى المستوى الدولي انقسم الاعلام الى قسمين قسم يتبنى روايات جيش الاحتلال وقسم اخر بقيادة شبكة الجزيرة الاخبارية ينقل الحقيقة من الميدان مباشرة ويميل لرواية المقاومة لانه شاهد عيان عليها ووثق جرائم جيش الاحتلال حتى تغيرت مواقف دول و وصلت بشاعة الجرائم لمعظم المشاهدين على سطح المعمورة مما جعل كثير من الدول ترضخ لمظاهرات شعوبها وتغير مواقفها ، كما ان مقتل ما يزيد عن المئة من الصحفيين والاعلاميين من قبل جيش الاحتلال وضعه في وضع الأجرام بحقهم وبحق نقل الحقيقة.
د. ورقة مواقف المنظمات الدولية والانسانية.حيث ان معظم المنظمات الدولية والانسانية ادانت عمليات جيش الاحتلال وتضررت عمليات هذه المنظمات في قطاع غزة وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة وما انبثق عنها من منظمات وهيئات كالأنوروا و وحقوق الانسان والصليب الاحمر والهلال الاحمر ومنظمة اطباء بلا حدود وغيرها .
هـ. ورقة خسائر جيش الاحتلال. وهي ورقة مهمة ضغطت بها المقاومة بعد توثيقها للعديد من العمليات التي استهدفت الجنود والضباط والاليات بمختلف انواعها حتى اصبحت رواية المقاومة واخبارها وتصريحاتها اكثر مصداقية حتى عند اهالي جنود الاحتلال اكثر من رواية الجيش نفسه مما زرع الخوف والرعب في قلوب مجندي قواته واصاب بعضهم بأمراض نفسيه واظهار جندي الاحتلال بمظهر الجبان وفي المقابل ظهر جند المقاومة بمظهر البطل الخارق الذي لا يخشى الموت .
وفي الختام نتعلم من هذه الحرب ان الحروب تخاض على عدة جبهات واحدة منها تتضمن اعمال عسكرية والكثير منها غير عسكرية ولكنها شديدة التأثير وتحتاج لعقول وخطط ورجال للضفر بها وان النصر ما هو الا حصيلة ونتيجة لنتائج كل هذه الجبهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى