أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
الأردنمقالات

الغرض وطلاقه معه… ابراهيم عبدالمجيد القيسي

الغرض وطلاقه معه…
بقلم ابراهيم عبدالمجيد القيسي.

ابراهيم القيسي

المنتصف

قعقعة السلاح التي نسمعها اليوم؛ مزيفة، حتى وإن قال القائل بأن الأردن أصبح غابة سلاح، فالقول ليس دقيقا، ومهما امتلأت بعض الزوايا المعتمة بالسلاح فهو سلاح بيد راشدة (لا يجرح)، إلا إن قامت جهة ما بإحداث عواصف من الارتياب بالدولة وبمكوناتها..
سيقع المحظور عندئذ ولن ينفع التحفظ وسيقولون نريد سلاحا وذخيرة معه، ولن يتحدثوا بحكمة ولا بتورية أو رمزية عن الغرض وطلاقه.

أريد القول بأن الحديث عن السلاح والادعاء بغزارة انتشاره، وتضخيم الأمر ثم توظيف الحديث، وإسقاطه على التاريخ والجغرافيا، هي ملامح وصفة لازدهار سوق السلاح في المكان والزمان، وليس حصيفا ولا يريد للبلاد خيرا من يطرح هذا الموضوع ويضفي عليه مثل هذه التوظيفات السياسية المجرمة، لأن المواطن الأردني يعرف أن الأردن بيته، ولا يقبل أن يتم تقويض أمنه واستقراره بدعاوى التفتيت ولا بدعاوى وجود ميليشيات مسلحة..
فالسلاح موجود بيد العربي وتعضده يد الحكمة والتوازن قبل أصابع العبث والتخريب وشيطنة المواطنين.

حين تتوجه الدولة لتنظيم وقوننة اقتناء السلاح فهي لم تكفر، ولم تتآمر على ذاتها، بل هي تسبق الجميع بخطوات كبيرة الى الأمام، لأن «السلاح في بعض الأيادي يجرح»..
ولا يوجد مجتمع ينتشر فيه السلاح كالمجتمع الأمريكي حسب ما نتابع في وسائل الإعلام حول العالم، وما نسمعه أو نشاهده من أحداث هناك، وذلك رغم أننا كلنا نتغنى بدول القانون في العالم المتحضر، فانتشار السلاح وفق القانون لا يزعج سوى المجرم الذي يتاجر به أو الذي يتربص بنا شرا وبالدولة، ولعل مكمن الخطورة أصبح أكثر وضوحا حين يتنطع بعضهم بكل صفاقة وتخلف، يطالب بوجود سلاح مع فئات دون الأخرى وبلا قانون ولا ترخيص لحمله أو اقتنائه..

لا مشكلة ولا تجاوز على قانون حين يقوم مواطن بحيازة سلاح وفق رخصة قانونية، لكن الجريمة حين يقوم بحيازته تجاوزا على القانون وبلا ترخيص، ويقوم باستخدامه وإشهاره على الملأ رغم عدم قانونيته، اعتقادا بأن يده فقط هي الجبارة التي تستطيع حمل وزن 3 كغم أو أقل أو أكثر، بينما سائر الأيادي قاصرة ومبتورة ولا يمكنها حمل شيء سوى الكفن، والاتهامات البغيضة..

تجار الحروب والدم والسلاح يبرعون في تسويق منتجاتهم، لا سيما في المجتمعات التي تعاني أزمات وطنية، وهؤلاء هم أكبر وأهم عنصر في انتاج الثورات المنفلتة المدمرة، وصناعة الحروب الأهلية، فلا يلزمهم في واقع الأمر سوى متخلف غبي واحد، وكلمة جاهلة وعقل متعفن أو “فشكة” ومسدس خردة، حتى يتم إشعال حرائق لا تستطيع الدول إطفاءها.

أخطر وأقذر أنواع الأحاديث هي التي تنطلق حول السلاح، ويصبح الأمر غاية في السوء والتخريب حين تسري روايات التآمر والخيانة الوطنية بين الناس، وما لم أتمكن من فهمه لدى سماعي بعض الأصوات متعلق بـ»الهبل» الذي سوّقه هؤلاء لشرعنة امتلاك السلاح بلا قانون، وتجريم الدولة والتشكيك في نواياها وكأنها دولة محتلة، تريد نزع أظافر ومخالب الشعب الذي تحتل وطنه!.

قد يكون موعد وأسباب إثارة هذا الحديث غير واضحة، فالحديث المفاجىء عن جمع السلاح المزعوم من أيدٍ مشبوهة، حديث مثير، ويسهل استخدامه من قبل قاصري التفكير وقصيري النظر، فعلى الرغم من كل الروايات المثيرة عن السلاح في كل الدول، لم تبادر دولة بمحاولة «جمع السلاح» من الناس بلا أسباب وجيهة، وهذا لم يحدث في الأردن إلا في حالات تعرض فيها الأردن لخطر كبير، تم على إثره جمع السلاح من بعض الخارجين على القانون والأمن الوطني..وهي فاتورة دفعها الأردن من حسابه الخاص ومن دماء أبنائه لصالح جهات وقضايا ومؤامرات تخدم جهات غير أردنية، ومجرد استحضار هذه القصة وروحها الشريرة يزعج الناس حتى حكماءهم، ويخرجهم عن السوية والموضوعية، ومن هنا يجب أولا أن نتحدث عن دولة القانون وسيادته ثم نطرح قانونا لتنظيم حيازة السلاح من قبل المواطنين.

تحريم وتجريم الناس وحقهم في امتلاك السلاح بشكل قانوني لا يحدث، الا إن كان الناس يخضعون لإقامة جبرية أو هم نزلاء في سجن..

قانون تنظيم امتلاك السلاح لغايات واضحة مطلوب، لا سيما بعد قتل ابرياء عن طريق الاحتفال والابتهاج والخطأ، لكن المطلوب أكثر اختيار الكلام المناسب حين نتحدث عن أدوات الدفاع عن النفس وليس التخريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى