أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

تسويق الحركة الصهيونية على العرب.. بقلم د. نضال المومني

د.نضال المومني/المنتصف
د.نضال المومني/المنتصف

صحيفة المنتصف

الحركة الصهيونية والعرب- تاريخ وتاريخ
ما أشبه اليوم بالبارحة مع ان التاريخ لا يعيد نفسه!
تسويق الحركة الصهيونية على العرب خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918- موقف الشريف الحسين مثالا.
الخاتمة والتوصيات:

بقلم د. نضال داود المومني 
تمر الأمة العربية بمرحلة خطيرة ومؤثرة على حاضرها ومستقبلها فلا بد من أخذ العبر من تاريخها؛ خاصة بعد أن نجحت (إسرائيل) في توقيع معاهدتي سلام مع كل من مصر والأردن. وتظاهرها بالسعي لاستمرار المفاوضات مع الفلسطينيين لتحقيق السلام.
وتمثل هذه الدراسة نموذجا للمرحلة الأولى من العلاقات العربية – الصهيونية، قبل قيام دولة إسرائيل. حينما كان الحسين وأولاده يمثلون ركيزة في الهرم السياسي العربي الآسيوي.
وكان الصراع العربي الصهيوني من أبرز التحديات التي واجهت العرب خلال الربع الأول من القرن العشرين، وعاش العرب مرحلة انتقاليّة متفائلين بالمستقبل، غير مستندين على إمكاناتهم وقدراتهم في مجابهة التحديات المفروضة عليهم، وكان العرب بداية متفوقين على الوجود الصهيوني الطارئ؛ رغم دعم بريطانيا للصهيونية على حسابهم، لكنهم لم يغلبوا العقل والواقع على العاطفة والتمنيات؛ فمالوا إلى تصديق الوعود والاعتماد على الآخرين لتحقيق استقلالهم ووحدتهم. وكانت مبررات بدايات الوجود الصهيوني في فلسطين مغلفة؛ لا تظهر أبداً غاياتها المستقبلية، ولكنّها تسعى إلى تحقيقها بكل جد وتصميم؛ فجازت الحيلة على بعض العرب ولم تجز على الآخرين؛ والأغلبية العربية لا يظهر لها موقف ولا تشارك في رأي؛ لأسباب ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
ولما كانت الحركة الصهيونية تعمل وتؤسس، كان العرب يحلمون، وتميزت السياسة العربية بالسذاجة والضعف، ولم يدرك أغلب الساسة العرب غايات الوجود الصهيوني في فلسطين ومداه، وعجزوا عن مجابهته في ظلّ سياسية صهيونية مخادعة وقوية تسير على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة؛ فوضعت الخطط طويلة المدى نسبياً، وسارت واثقة من حتمية الوصول إلى مشروع الوطن القومي لليهود في فلسطين.
ولم تعلن الصهيونية أهدافها السياسية في فلسطين، ومارست دور الضيف والزائر والشريك الاقتصادي بحجة خدمة العرب واليهود والتقاء المصالح والغايات، فاخترقوا الوجود العربي فكرياً واقتصادياً، تحت ستار العمق الديني والتاريخي للعلاقات العربية-اليهودية؛ فوظفت الصهيونية يهود العالم ويهود فلسطين لخدمتها برضاهم أو بغيره، وأخذت تقدم عروضاً لاقت الرواج والقبول لدى بعض العرب ومنهم بعض عرب فلسطين؛ ففرقت الصفوف، وعانى أهل فلسطين من التفوق الصهيوني الحضاري الشامل.
وخرج عرب آسيا من الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، وهم يشعرون بنشوة النصر، لانتصار حلفائهم فيها؛ فظنوا بدنو موعد استقلالهم ووحدتهم. بينما خرجت الصهيونية من الحرب بوعد بلفور، الذي أعلنته بريطانيا وروجت له بغير مضمونه وأهدافه؛ فتبنت بذلك الصهيونية علناً. ولم يُدرك الساسة العرب الفرق بين الحليف والعدو، ولم يتخذوا موقفاً حاسماً تجاه الدعم البريطاني للوجود الصهيوني، ولم يدركوا حقيقة إن صديق عدوي عدوي، ولم يصل الفكر السياسي العربي إلى القطع بأن بريطانيا والصهيونية عدوان للعرب بخط سياسي واحد. ودخل الفكر العربي السياسي الحديث مرحلة تجريبية تجاه السياسة الدولية؛ فاستند على التنظير والدين والأخلاق في السياسة الخارجية وعدم العمل على الأخذ بأسباب القوة المادية؛ فكان ساذجاً في الطرح عقيماً في التنفيذ فاشلاً في النتيجة؛ لأن الطرف المقابل لا يستند على غير سياسة القوة والمصلحة. ولم يمتلك العرب البرنامج ولا القوة المادية والفكرية التي تمكنهم من المفاوضات السياسية بما يحقق أهدافهم.
اعتدل الحسين بن علي في آرائه السياسية؛ فأحسن الظن بداية –كغيره من العرب -في الوجود اليهودي / الصهيوني في فلسطين، بعدما لعبت بريطانيا دوراُ كبيراً في تحريف غايات وأهداف الحركة الصهيونية؛ فاعتقد الحسين أن هجرة اليهود إلى فلسطين تؤدي إلى إذكاء روح التنافس بين العرب واليهود، وأكد الحسين على مساواة اليهود الوطنيين بأصحاب البلاد من العرب في فلسطين في الحقوق والواجبات كافة. ورغم ذلك أجّل حسم موقفه من هجرة اليهود إلى فلسطين إلى ما بعد الحرب؛ وإن رحب بوجودهم في البلاد العربية كلها أي الدولة العربية الموحدة المزمع قيامها بعد الحرب استنادا إلى وعود بريطانيا. ولم يرض موقفه بريطانيا أو الصهيونية، فسعت بريطانيا لتأسيس علاقة بين الصهيونية والأمير فيصل بن الحسين، وذلك في حزيران1918م، لاعتقادها أنه أكثر اعتدالا من والده فيما يتعلق بمستقبل الوجود اليهودي في فلسطين.
وتوحي إلينا هذه الدراسة بأن على الشعوب والدول العربية في هذا الوقت أن تأخذ حذرها في التعامل مع إسرائيل ومن يقف خلفها، وألا تتفاءل في تحقيق السلام معها من خلال المعاهدات السياسية أو ما يسمى معاهدات السلام، لأن أساليب الحركة الصهيونية التي استعملتها مع العرب خصوصا في فلسطين في أعقاب صدور وعد بلفور، تستعملها الآن مع الفلسطينيين والدول العربية، بحيث لا تظهر مطامعها التوسعية لاحتلال مزيد من الأراضي العربية.
وتتعرض الشعوب العربية في البلاد المجاورة لدولة إسرائيل إلى ضغوط سياسية واقتصادية لإجبارهم على بيع أراضيهم وترك بلادهم، كما يجري حاليا في ضفتي نهر الأردن، حيث يعاني العرب فيهما من أزمات اقتصادية خانقة تتجلى بارتفاع أسعار الأراضي رغم الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع نسبة الفائدة على القروض، وبتفاقم مشكلة المياه في الأردن، هذا إلى جانب تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل بشكل غير معلن. ومن جهة أخرى وبالموازاة مع عمليات التضييق يجري فتح أبواب الهجرة والسفر أمامهم للعمل في بلاد بعيدة.
وقد لا أكون مبالغا إذا ما قلت إن الأوضاع في البلاد العربية خلال هذا القرن حتى الآن (2019م)، تخدم المشروع الصهيوني الكبير. وتتشابه في أوجه كثيرة مع الأوضاع خلال الحرب العالمية الأولى؛ والتي أدت إلى المشروع الصهيوني الصغير واستحداث دولة إسرائيل.
وأختم بأبيات من الشعر قالها أبو القاسم الشابي:
إن السلام حقيقة مكذوبة والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل إلا إن تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب

البحث كاملا
في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية عدد 56 – 2019
http://jilrc-magazines.com/wp-content/uploads/2019/09/56-
http://jilrc-magazines.com/WP-PDF

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى