أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
الأردنثقافة

كلمة “العرب ” وعلاقتها بالأردن وعشائره وممالكه القديمة..بقلم د.احمد عويدي العبادي

المملكة الأردنية المؤابية / الحلقة العاشرة
كلمة العرب وعلاقتها بالأردن وعشائره وممالكه القديمة
Moabite Kingdom of Jordan
دراسة تحليلية
Analyses Study
تأليف: د. احمد عويدي العبادي / أبو البشر
مؤرخ ومفكر ومعارض سياسي أردني
دكتوراه من جامعة كمبريدج البريطانية عام 1982
By DR. Ahmad Oweidi Al Abbadi
Ph.D. from Cambridge University of UK 1982
(Historian, Thinker and Jordanian Political Opposition)
وادي السير الأردن 1442 هجري 2020 م
ملحوظة: تم تضمين بعض الكلمات والاصطلاحات، كما وردت في المرجع الأصلي الذي اعتمدته في الموضوع، وليس شرطا انني اتبناها، ولكن الأمانة التاريخية اقتضت ذكرها، بعد تغيير كثير منها،
تابع مقدمة المؤلف Introduction of the Author

د.احمد عويدي العبادي -المنتصف
د.احمد عويدي العبادي -المنتصف

صحيفة المنتصف

كلمة العرب وعلاقتها بالأردن وعشائره وممالكه القديمة
لكلمة (العرب) نغم ومذاق خاصين، فهي كلمة جميلة على اللسان والاذن والنفس، وبخاصة لدينا نحن الأردنيين، لان لكلمة العرب علاقة بالأمة الثمودية العربية الأردنية بعامة، وقبائل بادية الأردن الشرقية منها بخاصة. وتعود هذه العلاقة الى أعماق التاريخ، الى الاف السنين قبل الميلاد. بل ان الاثار التي تم اكتشافها في تيماء وكلوة في منطقة الطبيق في منطقة (تم التنازل عنها عام 1925).
لقد كانت جزيرة العرب تقسم الى ثلاثة إقليم عرضية أي (شرق غرب ) , في الجنوب اسمه (اليمن السعيد) ومعه سواحل الجزيرة على بحر العرب , و(اليمن هي ام العرب ومنبعهم) بلا منازع , واما الإقليم الأوسط فكان يشمل بلاد الحجاز وبلاد نجد امتدادا نحو الرشق الى تخوم وسواحل الخليج العربي شمالا الى مصب الرافدين , واما القطاع الثالث فكان بلاد ثمود الأردنية التي تشمل شمال جزيرة العرب وجنوب بلاد الشام , وهو الأردن السعيد , وهو مستقر العرب النازحين من اليمن عندما تصيبهم لجوائح ومنها انفجار سد مأرب ثلاث مرات , وعندما أصاب التصحر أراضي القطاع الأوسط , فتحول الى الربع الخالي .
وبالتالي نكرر القول ان اليمن هي ام العرب ومنبعهم، وان وسط الجزيرة تحول الى (وادي غير زرع في الحجاز بنص القران الكريم) وتحول الى صحاري الربع الخالي المقفرة ظاهريا، وان الأردن بقي جنات الى أيام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ذكرها في الحديث الشريف، وأشرنا اليه في حلقة سابقة، لذا فان اليمن السعيد في الجنوب، والأردن السعيد في الشمال. وحتى الفتوحات الإسلامية عندما انطلقت من القطاع الأوسط وهو الحجاز، نحو العالم، انطلقت من المدينة المنورة، وتفرقت من الأردن السعيد الى مهامها.
وبناء عليه , فان عروبة الأردن والأردنيين, هي استمرار وتكملة لعروبة اليمن والحجاز ونجد وسواحل جزيرة العرب ومناطق الربع الخالي , وانه ليس من استمرار وبقاء للجنس العربي بدون الأردن , لأنه الملاذ الامن لهم عبر التاريخ , سواء من الكوارث الطبيعية وما لف لفها , ام من الكوارث الطارئة , والحديث يطول في ذلك , وسواء أكان ممرا لهجرات العرب , او مقرا , او مستقرا , وهناك فارق كبير بين المقر والمستقر , كما هو الفارق بين الجنسية والهوية , فالمقر إقامة مؤقتة او طارئة قد تطول , والمستقر هي ما يقوله الأردنيون ( من ها المراح ما فيه رواح) أي التجذر الأسبق واللاحق بدون عدد ولا حساب , وكما يقول الأردنيون ( القبور جذور) .
ومن الشواهد على ابداع العشائر الأردنية وعروبتها الموغلة في القدم، وان الأردن كان يسمى الأرض السعيدة أي (الأردن السعيد)، منذ الاف السنين قبل الميلاد، ما تم اكتشافه في (كلوة / الطبيق) بعد مسح منطقتها أثريا، حيث تم اكتشاف منحوتات صخرية، خلفتها العشائر الأردنية الثمودية، من رسوم ونقوش وأدوات حجرية، ترجع الى العصر القديم على مدى (. ١٤٠٠٠. -. ٨٠٠٠. ﻕ.ﻡ)، وهي من الرسوم الصخرية الأكثر قدماً في الديار الثمودية الاردنية، ويدل على ذلك الأسطح المتآكلة، وتأثير العوامل الصخرية وتقلبات الطبيعة عليها، حيث يقع تاريخ الرسومات الصخرية للمنطقة في الحقبة بين 9000-7000 ق.م، وتم تحديد تاريخ موقع كلوة في الطبيق، لكثرة الأدوات الحجرية، التي ترجع الى ما قبل (. ١٤٠٠٠. -. ٨٠٠٠. ﻕ.ﻡ).
في عام 1984م تم تسجيل حوالي 313 موقعاً ثموديا قديما، في منطقة الطبيق، تحتوي على رسوم صخرية، تعود إلى فترات تمتد إلى 15,000 سنة قبل الميلاد (أي 17000 سنة من الان 2020 م)، وقد أستخدم الأردنيون القدامى الذين نقشوها، في تلك العصور الوثنية، أقول استخدموا هذه الرسومات لتسجيل الأحداث التي مرت بهم، وأعمال الصيد، والحرب، والطقوس الدينية، حيث كانت تمثل هذه عملية موفقة وناجحة للكتابات التصويرية، التي كانت بدأت في المنطقة، وتطورت في البلاد الثمودية الأردنية.
وهو دليل ان الكتابة والرسوم كانت معروفة ومستخدمة من قبل العشائر الأردنية قبل 17000 سنة، من الان 2020 م، وانهم توصلوا اليها قبل ذلك بإلاف السنين، وهذه حجتنا في ان العشائر الأردنية كانت عشائر متحضرة حتى زمن الوثنية، وأنها أكبر من ان يمن عليها أحد من البشر المعاصر بالجمائل والتعالي، وانما نحن من يمن عليهم وليسهم يمنون علينا. وان الأردن السعيد، كانت فيه حضارة، توازي حضارة اليمن السعيد، وان علاقاتهم تمثلت في القوافل التجارية التي ذكرها القران الكريم والحفريات.
وفي (كلوة) الطبيق، تم العثور على واجهات من الرسومات الصخرية الجميلة والمميزة، والتي نُفّذت بدقة متناهية، يصل طول إحداها إلى حوالي 7 م، وتضم رسومًا لأشكال آدمية وحيوانية، وأشكال هندسية منحوتة، بشكل فني على سطح أحد الأحجار الموجودة بالقرب من المواقع الأثرية، وتعود الى الالف الثامن قبل الميلاد 8000 ق.م. ( أي قبل 10000 سنة من الان 2020 م ) وتشير الدراسات، إلى أن جميع ما تم اكتشافه, من رسومات صخرية في المواقع، يعود إلى فترات موغلة بالقدم في إشارة إلى نشاط القوافل التجارية, والى انها اقدم من 8000 سنة ق.م. ليس هذا فحسب , بل انها برهان على تقدم العشائر الأردنية , ووصولها الى درجة عالية من التحضر، طالما انها عرفت الاستقرار , وبناء القرى والكتابة والرسومات الفنية الدقيقة. لقد كانت هذه العشائر الاردنية عربية ثمودية، وجزءا من الامة الثمودية الأردنية
ومن خلال الحديث النبوي الشريف، يتبين ان اسم العرب قديم جدا، وأقدم مما ورد في الوثائق الاشورية، فالنبي هود عليه السلام عربي، وكذلك قومه (عاد)، والنبي صالح عليه السلام عربي، وكذلك قومه (ثمود)، والنبي شعيب عربي وكذلك قومه، وهم (جذام الأردنية)، وهم من ثمود أيضا (مَدْيَن وأصحاب الايكة)، ولغتهم هي العربية، وجميعهم واقوامُهم سبقوا سيدنا إبراهيم بعشرات القرون، وسبقوا السومريين والاشوريين والكلدانيين والبابليين والعيلامين.
وان من احفاد الجذاميين الأردنيين قوم سيدنا شعيب في الأردن حاليا: بني صخر/ الصخور، وبني عباد/ العبابيد، وبني حميدة / الحمايدة، وبني عقبة / العمرو، وعشائر أخرى متفرقة موجودة في مدن ومناطق السلط وعجلون والكرك معان وسوف/ جرش وفي سائر ربوع الأردن
فالعَرَب: أُمة من الناس عريقة الأصل، كان منشؤها شبهَ جزيرة العرب، ومعنى عَرَبٌ عَرْباء: أي صُرَحاءُ خُلَّص، مَاءٌ عَرِبٌ: صَافٍ، ورَجُلٌ عَرِبٌ: فَصِيحٌ، الا ان التوراة قد رأت أن معنى كلمة عرب هو البداوة والعيش البادية بما تحتويه من جفاف وفقر. وبمعنى اخر فقد قرنت العرب ببلاد الأردن السعيد، بلاد ثمود الأردنية
ويرى المفكر السوري والباحث في شؤون القرآن، المهندس عدنان الرفاعي، في كتابه المدهش (المعجزة الكبرى)، أن كلمة (عربي) من الجذر اللغوي (ع ر ب) والتي وصف الله تعالى بها القران، انما تعني: التمام والكمال، والخلو من النقص والعيب، وليس لها علاقة بالعرب كقومية او عِرْق. فعبارة (قرآنا عربيا)، تعني قرآنا تاما كاملا خاليا من النقص والعيب. ولنا راي مضافا الى هذا الراي أيضا سنذكره في مواقع أخرى ان شاء الله تعالى
فالكلمتان (قرءاناً عربيّاً) تَعْنِيان بإطارهما العام، قرآناً كاملاً شاملاً تامّاً مفصّلاً لا عوج فيه، وخالياً من أيِّ عيب أو نقص او تناقض، ومعناهما ليس محصوراً بإطار التفسير المعروف -تقليديّاً -بأنّه قرآن بلغة قوم العرب … صحيح انه قرآنٌ بلغة قوم العرب، ولكنّ هذا المعنى يأتي من جملة المعاني المُرادة، لأنّ لغة (قوم العرب) تحمل المفردات القرآنيّة الفطريّة الموحاة من الله سبحانه وتعالى. ولذلك فالكلمتان (لساناً عربيّاً) تعنيان لغةً وأسلوباً وتبياناً كاملاّ تامّاً خالياً من أيِّ عيب أو نقص، ولا تعني الجنس العربي. وامرأة عَرُوبة: مُعْرَبة بحالها عن عفتها وشرفها، ومحبة زوجها لها، وحصانتها من الدنس والخيانة الزوجية
وفي (سفر إرميا) جاءت الآية “كل ملوك العرب”، فالمقصود بها هنا: العرب سكان البادية الأردنية التي تتاخم وسط جزيرة العرب، وتتاخم نهر الفرات، ولم يكن مُرادًا هنا معنى الدولة العربية الموحدة، لأن مثل هذه الدولة لم تكن موجودة آنذاك، وانما كانت هناك دول وممالك متعددة في الامة الثمودية الأردنية والأرض الأردنية، منها المملكة الأردنية المؤابية التي نتحدث عنها هنا. وكان معنى العرب من أهميته وكرامته انه كان قاصرًا على سادات واشراف وزعماء القبائل الأردنية وكلهم عرب، ولكن تكريم اشراف القوم وملوكهم، كان يعتبر تكريما للرعية، الذين من شأنهم إصدار الأوامر المُطاعَة في اقوامهم، أو التي يتم الاحتكام إليها في القبيلة او القبائل.
ويؤكد هذا المعنى ما ورد في التشبيه الذي نجده في التوراة، في الجملة التالية: “جلست لهم كأعرابي في البرية”، تدل على حياة العرب في الصحراء، وكان المقصود القبائل الأردنية في برية الأردن الشرقية. فكما يتضح من سفري (أشعيا وإرميا) أن المعنى المقصود بالكلمة هو البدوي والبادية فقط ولا يتجاوز ذلك الى مفهوم الدولة.
وبالنسبة لليونانيين، فلم يتعاملوا مع العرب على أنهم قبائل من البدو أو أهل البادية، بل تعاملوا مع الاسم على اطلاقه، على أن كل شخص يسكن المنطقة العربية، أو بادية العرب بتعريفهم لها، فهو شخص عربي، حتى ولو اختلفت اللغة والطريقة التي يتحدث بها أيضًا، وهو ما نُطلق عليه نحن اللهجة. فالبيئة عند اليونانيين، هي التي تحدد عروبته، وليس لغته او عرقه اولغته او لهجته.
فعلى ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة، يذكر لنا (الدكتور عبد العزيز صالح) في سفره النفيس -تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة-أن وجود العرب بخصائصهم وخصائص لغتهم يعود إلى تاريخ موغل في القدم، ومن الباحثين من يحتمل ورود تعبير قريب من تعبير (العرب) إلى نص مسماري من عهد (نار أم سين) الملك السامي الأبجدي خلال القرن الثالث والعشرين ق.م، وإن كانت قراءته لا تزال موضعا للجدل.
ونستطيع أن نستمر طويلا في ضرب الأمثلة الدالة على هذا الوجود. ومنها أنه عندما تحالفت مدن بلاد الشام ضده (شملنا نصر الثالث) الملك الآشوري في عام 853 ق.م، انضم إلى هذا الحلف ألف فارس (راكبُ جمل) من رجال (جنديبو العريبي/ العربي) ومعنى (جنديبو) أي أبو الجنود أي القائد الأعلى للجيش العربي/ للجنود العرب ومعنى جنديبو أي (أبو الجنود أي قائدهم الأعلى)، ولقد لقب (جنديبو) هذا بلقب الملك وتعددت إشارات النصوص الآشورية بعد ذلك إلى الجماعات العربية القريبة من دولتها والواقعة على طرق التجارة الواصلة إليها.
وذكرت النصوص الآشورية أسماء ممالك وقبائل اردنية عدة مثل: سبأ وقيدري (نسبة الى قيدار اشأم ثمود الذي عقر ناقة سيدنا صالح عليه السلام) وتيماء (اسم قبيلة ثمودية اردنية، نُسِبت اليها المنطقة التي كانت ديرتها وهي (تيماء اسم قبيلة ومكان)، ومصوري وثمودي (اهل مدائن صالح / الحجر وهم جزء من ثمود وذكرهم القران الكريم / ومنها وقوله سبحانه (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ) أي: وثمود الذين خرقوا الصخر ودخلوه فاتخذوه بيوتا)، وخبايا ومساء وعبابيدي. إلخ.
وكان أهم ما تضمنته النصوص الاشورية، فيما نكتفي به مؤقتا، وهو أنها ذكرت أسماء خمس ملكات عربيات ثمودية على أقل تقدير، كان حُكمُن في جهة ما شمال جزيرة العرب، فيما بين أواسط القرن الثامن ق.م، ولم تحدد مكان دُوَلُهن صراحة، ولكنها ذكرت خلال الحديث عنهن أحيانا اسم (أدوماتو) ذلك مما يحتمل حكمهن في (دومة الجندل) أو بقربها من منطقة الجوف الشمالي.
، ولا بد هنا من الإشارة الى ورود اسم العرب في الوثاق الاشورية، في بلاد ما بين النهرين، التي كانت تُطلِقُها على قبائل ثمود العربية الأردنية، والتي لا زال منها بقايا واستمرار يحملون الاسم نفسه،
اما وصف الاشوريين لمعنى كلمة عرب لديهم، فإنهم أطلقوها على القبائل الأردنية المجاورة لهم من الجهة الغربية، أي المنطقة العازلة بين الممالك الأردنية غربا، ومملكة اشور شرقا. وبالتالي فان كلمة (عرب) عند الاشوريين كانت تعني تلك القبائل الأردنية المجاورة لهم، والإمارة عليها. وكان هذا الحكم / الاصطلاح متأثرًا بالظروف المحيطة وقوة شخصية الحاكم العربي، ولم يمنع هذا الحاكم أو الأمير من إطلاق لقب ملك على نفسه، واحتفظ مع اللقب بلقب مرادف وهو (جنديبو أي أبو الجنود او القائد الأعلى للجيش/ حديثنا عنه لاحقا بعون الله تعالى)، وبالتالي فان اسم (جندب) ليس اسما محددا لشخص محدد، بل لقب يُقصد به الحاكم، كما نطلق في عصرنا الحاضر القابا لرتبة الأمير او السلطان او الملك او القائد.
ولكن السؤال الان هنا: هل يوجد لدينا ما يؤكد حقيقة وجود لفظ عرب في لغة الحضارة الآشورية القديمة؟ الجواب هو: نعم، لقد كانت كلمة “عرب” موجودة عندهم ومتداولة في وثائقهم، وتعني القبائل الأردنية التي كانت تثمل العروبة والعربية لغة وعرقا وموقعا، والممتدة مما بين بلاد النهرين شرقا من جهة، والممالك الأردنية غربا من جهة أخرى.
لقد كانت كلمة (عربي) موجودة ومنحوتة على الجدران والألواح في الحضارة الآشورية، رغم الاختلاف في اللفظ والنطق، كنتيجة طبيعية، لأن الكتابة الآشورية لم تكن مُحَرّكة، فالبعض قرأ الكلمة ك Arabi، Arbi أو Arab، تجدر الإشارة هنا إلى العلاقة ما بين الآشوريين من جهة، وبين هذه القبائل الأردنية العربية، كانت علاقة سيئة من الشراع والغزوات المتبادلة.
أما بالنسبة للحضارة البابلية، فإن معنى كلمة (عرب) كانت تعني أهل البادية أيضا، وهي البادية الأردنية، هذا بحسب بعض الكتابات البابلية التي وُجدت فيها كلمة Matu Araabaai، والتي تعني أرض العرب أو الأرض العربية، لأن (ماتو) تعني المساحة الشاسعة التي يعيش عليها مجموعة من السكان، وهو التعريف الخاص بكلمة الأرض عندهم و(أرابيا) أو عرباية تعني العرب. وأرابيلا) تعني ارض العرب (اراب ايلا/ ايلة) الحرة او الجديدة او المقدسة وهي اربد شمال الأردن). وتقابلها بالمصرية كلمة (شاسو) أي البقاع الشاسعة، وأطلقها المصريون على الهكسوس الاردنيين، الذين احتلوا مصر وحكموها لعدة قرون. وكلها في النهاية وصف للقبائل الأردنية، الاولة في البادية الشرقية والثانية اي الديار الأردنية الغربية.
ونجد ايضا، في كثير من المصادر الحضرية في بلاد ما بين النهرين، أقول نجد لفظة (عرب)، ولكن بأشكال كتابية مختلفة ومتعددة، بحيث كُتِبت مرة “وبجنداد عرب”، وتم تأويلها على أن المقصود بها الجند (الجنود) العرب. ونحن نرى انها تعني أيضا: (وب -جند -اد/ أي عد لأنهم يقلبون العين ألف، عرب أي جنود / ومعناها في رأينا انها تعني: جيش من العرب لا يحصيهم العد، وأيضا المقاتل العربي.
وفي أحد الأسطر الاشورية أيضا كُتب أيضًا “وبحطر عرب”. وكما نرى أن كلمة عرب هنا وردت صريحة دون تأويل، ولكن الخلاف كان حول “وبحطر” فما هو المقصود بها تحديدًا، وخلاصة الخلاف في هذا الأمر، أن المُراد الغالب كان كلمة “حضر” أي اهل المدينة والقرى المستقرة، ونحن نرى انها إشارة الى الممالك الأردنية المتحضرة وهي المؤابية والأدومية والعمونية والباشانية، وقرى البادية الأردنية مثل ( كلوة) وسبأ الشمال / أدوماتو, والعلا وضبا وعينونة على الشاطئ والحجر/ مدائن صالح , وكثير غيرها وهو ما يتوافق مع التفسير اليوناني، الذين يطلقون كلمة “العرب” على كل من البدوي والحضري كليهما على حد سواء، أي على العرق العربي , وليس على اللغة العربية او البادية فحسب. حيث انه إذا ذُكِر أهل البادية فان اليونانيين يذكرونهم باسم (عرب) أو (عربي).
اما الكتابات الآشورية فقد وصفت (جندب)، على انه رئيس قبيلة حارب الآشوريين واسموه (جندب العرب) أي القائد الأعلى للجيش العربي في حينه. كما وصفت التوراة(جيشم) بـ (جيشم العربي) إشارة إلى أنه من الأعراب سكان البادية، لا من الحضر سكان المدن، لأن (جيشم) تعني: جيش قوي، أي الجيش العربي القوي، الذي كان جيشا اردنيا مكون من القبائل الأردنية العربية الثمودية، وذلك بعكس المفهوم اليوناني، الذي لا يفرق بين من يسكن البوادي ومن يسكن الحواضر، فكلهم بالنسبة لليونانيين عرب.
ولكن اول إشارة وصلت الينا عن اسم العرب، في وثائق بلاد ما بين النهرين بخاصة، وهي إشارة مهمة، هي التي تم العثور عليها في الوثائق الاشورية، علما ان اشور وبابل والسومريين هم أصلا عرب، نزحوا من جزيرة العرب، الى ما بين النهرين، حيث هاجروا من منطقة الربع الخالي، بعد ان أصابها التصحر، وتحولت من ارض خضراء وجنائن وانهار الى ارض رملية جرداء، وسميت بالربع الخالي، لِخُلوِّها من حياة الانسان والحيوان، رغم ان الرمال لا زالت تغطي مدنا مفقودة ومجاري انهار وحضارات عربية قديمة مزدهرة. وهذا برهان واضح على ان الأردن هي التي تستقبل من شَحّت عليهم ديارهم من بقية العرب من اليمن السعيد والقطاع الأوسط من جزيرة العرب
فالأمم والحضارات التي في بلاد ما بين النهرين , هي أصلا عربية تحركت من جزيرة العرب نحو الشرق , أي من ديار تجري من تحتها الأنهار وهي وسط جزيرة العرب , الى ديار الرافدين وانهارها وخصبها , وكانت الأردن تعج بالسكان آنذاك , ولا مكان للوافدين الجدد , فاتجهوا الى بلاد الفراتين , وهم ليسوا امما أخرى ولا عرقا اخر، فالجنس العربي كعرق موجود منذ بداية البشرية، وان اختلف في اللغة واللهجة، فالعربية كانت زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على سبعة السن، ولذلك نجد القراءات السبع في القران الكريم على هذه الالسن، وافصحها هو اللسان العربي المبين وهو لسان قريش. قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) سورة الشعراء .
واما بخصوص جزيرة العرب، وما كانت عليه في غابر الأيام، وما ستكون في قادم العصور، فنبين هنا حديثا شريفا. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال ((لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مُرُوجا وأنهارا، وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق-أي أن يُضَيّع الطريق-وحتى يكثر الهرج)) قالوا وما الهرج يا رسول الله؟ قال:((القتل)).
وعنه أن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال ((لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا)). وان قوله عليه الصلاة والسلام: «حتى تعود»، يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق، وأنها ستعود إلى حالتها الأولى، وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها، جاءت بعد ان كانت ارض خضراء.
لذلك تحدث المؤرخون عن العرب العاربة , وهم من كانوا قبل سيدنا صالح عليه السلام , ومنهم ثمود والروفائيون، والعرب المستعربة, وهم من كانوا بعد نزول سيدنا إسماعيل فيهم , عندما أمر الله سبحانه سيدنا إبراهيم ان يُسكن إسماعيل وأمه وذريتهم ,في واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم , قال تعالى في ذلك : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) سورة إبراهيم
وفي الإسلام نجد ان الأنبياء العرب، هم التالية أسماؤهم عليهم السلام جميعا، وهم: هود انزله الله في قومه عاد. وإسماعيل نزل في (جُرهُم) الذي نطق بالفصحى البليغة. وقبله سيدنا صالح الذي نزل في ثمود الأردنية، وسيدنا شعيب عليهم السلام جميعا، وكان خطيب الأنبياء ونزل في جذام الأردنية، وهم جميعا قبائل عربية. وحنظلة بن صفوان وخالد بن سنان نبيان مجهولان لانهما نزلا في جزيرة العرب،
ونضيف إليهم انبياء عرب نزلوا في الأدوميين وهم: لقمان الحكيم وايوب عليهما السلام، ونزلا في مملكة ادوم الأردنية، وذي الكفل وبلعام المؤابي الذي انسلخ من آيات الله، وشعيب الحفيد / الرجل الصالح (جيثرو / يثرون المدياني الجذامي الأردني، وكان في مدين وكان معاصرا لسيدنا موسى وزَوّجَه ابنتَه قطّورة / عصفورة /صفورا / صفوريا / صفورة) مقابل عشر سنين من عمل موسى عند يثرون المدياني الجذامي / الرجل الصالج، وهؤلاء لم يكونوا بمصاف الأنبياء وانما بمصاف الرجل المؤمن الصالح المُلْهَم.
وذكر فى حديث عن أبى ذر الغفاري قال إنه سمع النبي محمد يقول فى ذكر الأنبياء والمرسلين: “منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر”. وبذلك نجد ان اثنين منهم من ثمود وهما صالح الذي نزل قبل إبراهيم، والثاني هو شعيب الجذامي عليهما السلام، ونزل بعد إبراهيم. ونضيف النبي أيوب عليه السلام ونزل في ادوم بالطفيلة.
(انتهت الحلقة العاشرة، وللحديث بقية عن جيش العشائر الأردنية قبل 3000 سنة، بعون الله تعالى)

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى