أخبار المنتصف
أخبار عاجلة
مقالات

التبرع بالأعضاء ..حياة يمنحها الموت

التبرع بالأعضاء ..حياة يمنحها الموت

أسعد العزوني

اسعد العزوني
المنتصف / الكاتب الاردني اسعد العزوني

صحيفة المنتصف
هناك مفارقات عجيبة في هذه الحياة أهمها وأكثرها غرابة هو أن موت البعض يمنح الحياة للبعض الآخر ،ولا أتحدث هنا عن الحياة الأخرى الأبدية ولا عن تناسخ الأرواح ،بل أتحدث عن ظاهرة نبيلة نغفل عنها في معظمنا ،وهي ظاهرة التبرع بالأعضاء بعد موت البعض .
قبل الغوص في التفاصيل فإن الجسد أي جسد وبعد وضعه تحت الثرى في القبر ،يأكله الدود ،وأول ما يبدأ بالعينين وبطبيعة الحال يأكل القرنيتين المهمتين في الإبصار،ثم يأتي هذه الدود على بقية أنحاء الجسد ويلتهمه ويتحلل في التراب وتبقى العظام ،لكن الله سبحانه وتعالى يبعث هذا الجسد مكتملا كما خلقه مع الروح يوم القيامة من أجل الحساب،بمعنى أنه ومهما نقص الجسد من أعضاء قبل الدفن ،فإن ذلك لا يؤثر عند البعث كما يعتقد البعض ،بأن من يتبرع بأعضائه لبعض المحتاجين سيبعث مشوها ،معاذ الله .
وبالعودة إلى الموضوع الرئيس وهو التبرع بالأعضاء فإن الأمر يعد قيمة مجتمعية ممتازة لأنه يعبر عن الشعور مع الآخرين ،ويعبر عن التكافل الإجتماعي والعمل بما يرضي الله الذي يحثنا على فعل الخير ومساعدة المحتاجين ،ومن أكثر ممن حرم من نعمة البصر على سبيل لسبب أو لآخر،بحاجة لمساعدتنا ،من خلال التبرع له بقرنية أحد موتانا ،ونؤسس له باب خير بعد وفاته .
وكذا الأمر بالنسبة للأعضاء الأخرى كالكلى والقلب والبنكرياس وغير ذلك من الأعضاء التي تساعد في منح حياة لمن إفتقدوا بعض نواحيها لسبب أو لآخر ،ولعل الرائد في هذا المجال هو الصديق الدكتور أديب عكروش وهو من العرب المسيحيين الأردنيين ،الذي ضرب مثلا أعلى في هذا المجال وتبرع بأعضاء فلذة كبده وليام الذي إنتقل إلى الرفيق الأعلى في أمريكا،ومنحها لمحتاجين مسلمين ،وزاد على ذلك بأن إستضاف فتاة مسلمة من الأغوار في بيته لقضاء فترة نقاهة بعد الإستفادة من بعض أعضاه فلذة كبده،وهو بذلك يستحق جائزة خاصة يجب إستحداثها له بوجه خاص ليتميز عن غيره لأنه صاحب أفضال عديدة.
مطلوب من الجهات المعنية تعميم التجربة على كافة ثنايا الوطن ،ولا بد من التنويه ان بلدة الششونة الشمالية سجلت سبقا كبيرا في التبرع بالقرنيات وبلغ المتوفر فيها أكثر من 500 قرنية متاحة للمحتاجين،كما يتوجب على المعنيين توفير الآليات اللازمة للتبرع ،وإقناع الناس بمزايا التبرع بالأعضاء ،والعمل من خلال المدارس والجامعات وإدراج ذلك في المناهج،وكذلك تخصيص خطبة يوم جمعة للحديث عن مزايا التبرع بالأعضاء،والإستعانة بالإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ونقابة الفنانين وبرابطة الكتاب .
آن الأوان لتعميم هذه الظاهرة والإستفادة من الناتج المحلي بدلا من الإستيراد بأثمان باهظة ،خاصة وأن حالات الموت”القتل” عندنا في تزايد مستمر بسبب إستهتار البعض بأرواحهم قبل أرواح الناس،وشيوع الجهالة بين البعض الذين يعتمدون أيديهم لتحصيل حقوقهم ويستثنون القانون.
ما أروع من إدخال الفرحة في نفوس من إفتقدها بسبب حرمانه من نعمة البصر على سبيل المثال،وهناك العديد من القصص التي تحكي عن هذا الفرح ،إذ أن إمرأة تبلغ من العمر 35 عاما مصابة بالعمى ،ولا تعرف تكوين أبنائها الستة سوى بالتحسيس،لكنها وبعد حصولها على قرنيات من أحد المتبرعين فرحت أشد الفرح بعد ان رأت أبناءها للمرة الأولى ….وقائمة حالات الفرح تطول،وبيدنا أن نديم هذا الفرح في حال تبرعنا بأعضائنا بعد الموت الحق طبعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى